[ ص: 298 ] وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا
قوله تعالى: "وكأين" أي: وكم "من قرية عتت عن أمر ربها ورسله، أي: عن أمر رسله . والمعنى: عتا أهلها . قال ابن زيد: عتت، أي: كفرت، وتركت أمر ربها، فلم تقبله . وفي باقي الآية قولان .
أحدهما: أن فيها تقديما، وتأخيرا . والمعنى: عذبناها عذابا نكرا في الدنيا بالجوع، والسيف، والبلايا، وحاسبناها حسابا شديدا في الآخرة، قاله ابن عباس، في آخرين . والفراء
والثاني: أنها على نظمها، والمعنى: حاسبناها بعملها في الدنيا، فجازيناها بالعذاب على مقدار عملها، فذلك قوله تعالى: "وعذبناها" فجعل المجازاة بالعذاب محاسبة . والحساب الشديد: الذي لا عفو فيه، والنكر: المنكر "فذاقت وبال أمرها" أي: جزاء ذنبها "وكان عاقبة أمرها خسرا" في الدنيا، والآخرة، وقال الخسر: الهلكة . ابن قتيبة:
قوله تعالى: قد أنزل الله إليكم ذكرا أي: قرآنا . رسولا أي: وبعثه رسولا، قاله وإلى نحوه ذهب مقاتل . وقال السدي . الرسول ها هنا: ابن السائب: جبرائيل، فعلى هذا: يكون الذكر والرسول جميعا منزلين . وقال الرسول: هو الذكر . وقال غيره: معنى الذكر هاهنا: الشرف . ثعلب:
[ ص: 299 ] وما بعده قد تقدم [البقرة: 257، والأحزاب: 43، والتغابن: 9] إلى قوله تعالى: قد أحسن الله له رزقا يعني: الجنة التي لا ينقطع نعيمها .