ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون .
قوله تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل .
سبب نزولها: أن امرأ القيس بن عابس ، وعبدان الحضرمي ، اختصما في أرض ، وكان عبدان هو الطالب ولا بينة له ، فأراد امرؤ القيس أن يحلف ، فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [ آل عمران: 77 ] . فكره أن يحلف ، ولم يخاصم في الأرض ، فنزلت هذه الآية . هذا قول جماعة ، منهم ومعنى الآية: لا يأكل بعضكم أموال بعض ، كقوله: سعيد بن جبير . فاقتلوا أنفسكم قال والباطل على وجهين أحدهما: أن يأخذه بغير طيب نفس من مالكه ، كالسرقة ، والغصب ، والخيانة . والثاني: أن يأخذه بطيب نفسه ، كالقمار ، والغناء ، وثمن الخمر ، وقال القاضي أبو يعلى: الباطل: الظلم . "وتدلوا" أصله في اللغة من: أدليت الدلو: إذا أرسلتها لتملأها ، ودلوتها: إذا أخرجتها . ومعنى أدلى فلان بحجته: أرسلها ، وأتى بها على صحة . فمعنى الكلام: تعملون على ما يوجبه إدلاء الحجة ، وتخونون في الأمانة ، وأنتم تعلمون أن الحجة عليكم في الباطن . الزجاج:
وفي ها "بها" قولان . أحدهما: أنها ترجع إلى الأموال ، كأنه قال: لا تصانعوا ببعضها جورة الحكام . والثاني: أنها ترجع إلى الخصومة ، فإن قيل: كيف أعاد ذكر [ ص: 195 ] الأكل فقال: "ولا تأكلوا" "لتأكلوا" فالجواب: أنه وصل اللفظة الأولى بالباطل ، والثانية بالإثم ، فأعادها للزيادة في المعنى ، ذكره ابن الأنباري .