قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون .
قوله تعالى: قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم فيه قولان .
[ ص: 59 ] أحدهما: أن الذي فوقهم: العذاب النازل من السماء ، كما حصب قوم لوط ، وأصحاب الفيل . والذي من تحت أرجلهم: كما خسف بقارون ، قاله ابن عباس ، والسدي ، وقال غيرهم: ومنه الطوفان ، والريح ، والصيحة ، والرجفة . ومقاتل .
والقول الثاني: أن الذي من فوقهم: من قبل أمرائهم . والذي من تحتهم: من سفلتهم ، رواه علي بن أبي طلحة عن وقال في رواية أخرى: الذي من فوقهم: أئمة السوء; والذي من تحت أرجلهم: عبيد السوء . ابن عباس .
قوله تعالى: أو يلبسكم شيعا قال : يبث فيكم الأهواء المختلفة ، فتصيرون فرقا . قال ابن عباس يلبسكم: من الالتباس عليهم والمعنى: حتى تكونوا شيعا ، أي: فرقا مختلفين . ثم يذيق بعضكم بأس بعض بالقتال والحرب . وقال ابن قتيبة: : يلبسكم ، أي: يخلط أمركم خلط اضطراب ، لا خلط اتفاق . يقال: لبست عليهم الأمر ، ألبسه: إذا لم أبينه . ومعنى شيعا: أي يجعلكم فرقا ، فإذا كنتم مختلفين ، قاتل بعضكم بعضا . الزجاج
قوله تعالى: ويذيق بعضكم بأس بعض أي يقتل بعضكم بيد بعض . وفيمن عني بهذه الآية ، ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها في المسلمين أهل الصلاة ، هذا مذهب ابن عباس ، وأبي العالية ، وقال وقتادة . في هذه الآية: هن أربع خلال ، وكلهن عذاب ، وكلهن واقع قبل يوم القيامة ، فمضت اثنتان قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة ، ألبسوا شيعا ، وأذيق بعضهم بأس بعض . وثنتان واقعتان لا محالة: الخسف ، والرجم . أبي بن كعب
[ ص: 60 ] والثاني: أن العذاب للمشركين ، وباقي الآية للمسلمين ، قاله وقد روي الحسن . عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سألت ربي ثلاثا ، فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة ، سألته أن لا يصيبكم بعذاب أصاب به من كان قبلكم فأعطانيها ، وسألته أن لا يسلط عليكم عدوا يستبيح بيضتكم فأعطانيها ، وسألته أن لا يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض ، فمنعنيها .
والثالث: أنها تهدد للمشركين ، قاله ابن جرير الطبري ، وأبو سليمان الدمشقي .