وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون
قوله تعالى: وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء في سبب نزولها ثلاثة أقوال .
أحدها: أن المسلمين قالوا: لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن ،
وخاضوا فيه ، فمنعناهم ، لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام ، ولا أن نطوف بالبيت ، فنزلت هذه الآية .
والثاني: أن المسلمين قالوا: إنا نخاف الإثم إن لم ننههم عن الخوض فنزلت هذه الآية .
والثالث: أن المسلمين قالوا: لو قمنا عنهم إذا خاضوا ، فانا نخشى الإثم في مجالستهم ، فنزلت هذه الآية . هذا عن والأولان عن مقاتل ، [ ص: 63 ] قوله تعالى: ابن عباس . وما على الذين يتقون فيه قولان .
أحدهما: يتقون الشرك . والثاني: يتقون الخوض .
قوله تعالى: من حسابهم يعني: حساب الخائضين . وفي حسابهم قولان .
أحدهما: أنه كفرهم وآثامهم . والثاني: عقوبة خوضهم .
قوله تعالى: ولكن ذكرى أي: ولكن عليكم أن تذكروهم . وفيما تذكرونهم به ، قولان .
أحدهما: المواعظ . والثاني: قيامكم عنهم . قال إذا قمتم عنهم ، منعهم من الخوض الحياء منكم ، والرغبة في مجالستكم . مقاتل:
قوله تعالى: لعلهم يتقون فيه قولان .
أحدهما: يتقون الاستهزاء . والثاني: يتقون الوعيد .
فصل
وقد ذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة ، لأنها اقتضت جواز مجالسة الخائضين والاقتصار على تذكيرهم ، ثم نسخت بقوله: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم [النساء:410] والصحيح أنها محكمة ، لأنها خبر ، وإنما دلت على أن كل عبد يختص بحساب نفسه ، ولا يلزمه حساب غيره .