القول في تأويل قوله تعالى:
[265]
nindex.php?page=treesubj&link=23477_28270_28723_28902_32446_34255_34508_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله مفعول له: و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265وتثبيتا معطوف عليه، ويجوز أن يكونا حالين. أي: مبتغين ومتثبتين:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265من أنفسهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء: يجوز أن يكون (من) بمعنى اللام أي: تثبيتا لأنفسهم، كما تقول: فعلت ذلك كسرا من شهوتي، ويجوز أن تكون على أصلها أي: تثبيتا صادرا من أنفسهم، والتثبيت مصدر فعل متعد، فعلى الوجه الأول: يكون:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265من أنفسهم مفعول المصدر، وعلى الثاني: يكون المفعول محذوفا. تقديره:
[ ص: 681 ] ويثبتون أعمالهم بإخلاص النية، ويجوز أن يكون تثبيتا بمعنى (تثبت) فيكون لازما، والمصادر قد تختلف ويقع بعضها موقع بعض، ومثله قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=8وتبتل إليه تبتيلا أي: تبتلا. انتهى. وعن الشعبي: تثبيتا تصديقا ويقينا:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265كمثل جنة أي: بستان:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265بربوة أي: موضع مرتفع:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265أصابها وابل مطر كثير:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265فآتت أكلها أي: أخرجت ثمرها:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265ضعفين أي: بالنسبة إلى غيرها من الجنان:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265فإن لم يصبها وابل فطل وهو المطر الضعيف، أو أخف المطر، أو أضعفه أو الندى، ولا بد من تقدير مضاف هنا كما تقدم: إما من جانب المشبه أو المشبه به، أي: ومثل نفقة الذين... إلخ، أو كمثل غارس جنة إلخ ؛ رعاية للتناسب.
قال
الشهاب: وفي التشبيه وجهان:
أحدهما: أنه مركب، والتشبيه لحال النفقة بحال الجنة بالربوة في كونها زاكية متكثرة المنافع عند الله، كيفما كانت الحال.
والثاني: أن تشبيه حالهم بحال الجنة على الربوة في أن نفقتهم، كثرت أو قلت، زاكية زائدة في حسن حالهم، كما أن الجنة يضعف أكلها قوي المطر وضعيفه، وهذا أيضا تشبيه مركب، إلا أنه لوحظ الشبه فيما بين المفردات، وحاصله: أن حالهم في اتباع القلة والكثرة تضعيف الأجر، كحال الجنة في إنتاج الوابل والطل تضعيف ثمارها، ويحتمل وجها ثالثا وهو أن يكون من تشبيه المفرد بالمفرد، بأن تشبه حالهم بجنة مرتفعة في الحسن والبهجة، والنفقة الكثيرة والقليلة بالطل والوابل، والأجر والثواب بالثمرات، والربوة مثلثة الراء، وأكل بضمتين، وتسكن للتخفيف. وبه قرئ: ( والله بما تعملون بصير ) تحذير عن الرياء وترغيب في الإخلاص.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[265]
nindex.php?page=treesubj&link=23477_28270_28723_28902_32446_34255_34508_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ مَفْعُولٌ لَهُ: وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265وَتَثْبِيتًا مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا حَالَيْنِ. أَيْ: مُبْتَغِينَ وَمُتَثَبِّتِينَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265مِنْ أَنْفُسِهِمْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (مِنْ) بِمَعْنَى اللَّامِ أَيْ: تَثْبِيتًا لِأَنْفُسِهِمْ، كَمَا تَقُولُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ كَسْرًا مِنْ شَهْوَتِي، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَلَى أَصْلِهَا أَيْ: تَثْبِيتًا صَادِرًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَالتَّثْبِيتُ مَصْدَرُ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: يَكُونُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَفْعُولَ الْمَصْدَرِ، وَعَلَى الثَّانِي: يَكُونُ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا. تَقْدِيرُهُ:
[ ص: 681 ] وَيُثْبِتُونَ أَعْمَالَهُمْ بِإِخْلَاصِ النِّيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَثْبِيتًا بِمَعْنَى (تَثَبُّتٍ) فَيَكُونَ لَازِمًا، وَالْمَصَادِرُ قَدْ تَخْتَلِفُ وَيَقَعُ بَعْضُهَا مَوْقِعَ بَعْضٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=8وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا أَيْ: تَبَتُّلًا. انْتَهَى. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: تَثْبِيتًا تَصْدِيقًا وَيَقِينًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265كَمَثَلِ جَنَّةٍ أَيْ: بُسْتَانٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265بِرَبْوَةٍ أَيْ: مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265أَصَابَهَا وَابِلٌ مَطَرٌ كَثِيرٌ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265فَآتَتْ أُكُلَهَا أَيْ: أَخْرَجَتْ ثَمَرَهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265ضِعْفَيْنِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْجِنَانِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=265فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَهُوَ الْمَطَرُ الضَّعِيفُ، أَوْ أَخَفُّ الْمَطَرِ، أَوْ أَضْعَفُهُ أَوِ النَّدَى، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ هُنَا كَمَا تَقَدَّمَ: إِمَّا مِنْ جَانِبِ الْمُشَبَّهِ أَوِ الْمُشَبَّهِ بِهِ، أَيْ: وَمَثَلُ نَفَقَةِ الَّذِينَ... إلخ، أَوْ كَمَثَلِ غَارِسِ جَنَّةٍ إلخ ؛ رِعَايَةً لِلتَّنَاسُبِ.
قَالَ
الشِّهَابُ: وَفِي التَّشْبِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُرَكَّبٌ، وَالتَّشْبِيهُ لِحَالِ النَّفَقَةِ بِحَالِ الْجَنَّةِ بِالرَّبْوَةِ فِي كَوْنِهَا زَاكِيَةً مُتَكَثِّرَةَ الْمَنَافِعِ عِنْدَ اللَّهِ، كَيْفَمَا كَانَتِ الْحَالُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ تَشْبِيهَ حَالِهِمْ بِحَالِ الْجَنَّةِ عَلَى الرَّبْوَةِ فِي أَنَّ نَفَقَتَهُمْ، كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ، زَاكِيَةٌ زَائِدَةٌ فِي حُسْنِ حَالِهِمْ، كَمَا أَنَّ الْجَنَّةَ يُضَعِّفُ أُكُلَهَا قَوِيُّ الْمَطَرِ وَضَعِيفُهُ، وَهَذَا أَيْضًا تَشْبِيهٌ مُرَكَّبٌ، إِلَّا أَنَّهُ لُوحِظَ الشَّبَهُ فِيمَا بَيْنُ الْمُفْرَدَاتِ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ حَالَهُمْ فِي اتِّبَاعِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ تَضْعِيفُ الْأَجْرِ، كَحَالِ الْجَنَّةِ فِي إِنْتَاجِ الْوَابِلِ وَالطَّلِّ تَضْعِيفُ ثِمَارِهَا، وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَشْبِيهِ الْمُفْرَدِ بِالْمُفْرَدِ، بِأَنَّ تُشَبَّهَ حَالُهُمْ بِجَنَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ فِي الْحُسْنِ وَالْبَهْجَةِ، وَالنَّفَقَةِ الْكَثِيرَةِ وَالْقَلِيلَةِ بِالطَّلِّ وَالْوَابِلِ، وَالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ بِالثَّمَرَاتِ، وَالرَّبْوَةُ مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ، وَأُكُلٌ بِضَمَّتَيْنِ، وَتُسَكَّنُ لِلتَّخْفِيفِ. وَبِهِ قُرِئَ: ( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) تَحْذِيرٌ عَنِ الرِّيَاءِ وَتَرْغِيبٌ فِي الْإِخْلَاصِ.