[ ص: 445 ] قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=17185_27521_27972_30469_30547_32354_34106_34232_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90)
nindex.php?page=treesubj&link=17185_18800_24406_27521_27972_30469_34106_34110_34264_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون
وقد ذكر الله - في كتابه -
nindex.php?page=treesubj&link=17195العلة المقتضية لتحريم المسكرات، وكان أول ما حرمت الخمر عند حضور وقت الصلاة لما صلى بعض
المهاجرين، وقرأ في صلاته، فخلط في قراءته، فنزل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون فكان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ينادي: لا يقرب الصلاة سكران . ثم إن الله حرمها على الإطلاق بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون فذكر سبحانه
nindex.php?page=treesubj&link=27974_17195علة تحريم الخمر والميسر - وهو القمار - وهو أن الشيطان يوقع بهما العداوة والبغضاء، فإن من سكر، اختل عقله، فربما تسلط على أذى الناس في أنفسهم وأموالهم، وربما بلغ إلى القتل، وهي أم الخبائث . فمن شربها قتل النفس وزنا، وربما كفر . وقد روي هذا المعنى عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان وغيره، وروي مرفوعا أيضا .
[ ص: 446 ] ومن قامر، فربما قهر وأخذ ماله منه قهرا، فلم يبق له شيء فيشتد حقده على من أخذ ماله . وكل ما أدى إلى إيقاع العداوة والبغضاء كان حراما . وأخبر سبحانه أن الشيطان يصد بالخمر والميسر عن ذكر الله وعن الصلاة . فإن السكران يزول عقله، أو يختل، فلا يستطيع أن يذكر الله، ولا أن يصلي، ولهذا قال طائفة من السلف: إن شارب الخمر تمر عليه ساعة لا يعرف فيها ربه، والله سبحانه إنما خلق الخلق ليعرفوه، ويذكروه، ويعبدوه، ويطيعوه، فما أدى إلى الامتناع من ذلك، وحال بين العبد وبين معرفة ربه وذكره ومناجاته، كان محرما، وهو السكر، وهذا بخلاف النوم، فإن الله عز وجل جبل العباد عليه، واضطرهم إليه، ولا قوام لأبدانهم إلا به، إذ هو راحة لهم من السعي والنصب، فهو من أعظم نعم الله على عباده، فإذا نام المؤمن بقدر الحاجة، ثم استيقظ إلى ذكر الله ومناجاته ودعائه، كان نومه عونا له على الصلاة والذكر، ولهذا قال من قال من الصحابة: إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي .
وكذلك الميسر: يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فإن صاحبه يعكف بقلبه عليه، ويشتغل به عن جميع مصالحه ومهماته حتى لا يكاد يذكرها لاستغراقه فيه، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي لما مر على قوم يلعبون بالشطرنج: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون; فشبههم بالعاكفين على التماثيل . وجاء في الحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=937145 "إن مدمن الخمر كعابد وثن " فإنه يتعلق قلبه بها، فلا يكاد يمكنه أن يدعها كما
[ ص: 447 ] لا يدع عابد الوثن عبادته .
وهذا كله مضاد لما خلق الله العباد لأجله من تفريغ قلوبهم لمعرفته . ومحبته، وخشيته، وذكره ومناجاته، ودعائه، والابتهال إليه، فما حال بين العبد وبين ذلك، ولم يكن بالعبد إليه ضرورة، بل كان ضررا محضا عليه . كان محرما . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أنه قال لمن رآهم يلعبون بالشطرنج: ما لهذا خلقتم . ومن هنا يعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=27974الميسر محرم سواء كان بعوض أو بغير عوض، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=27238الشطرنج كالنرد أو شر منه، لأنها تشغل أصحابها عن ذكر الله، وعن الصلاة أكثر من النرد .
والمقصود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=846455 "كل مسكر حرام "، وكل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام .
[ ص: 445 ] قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=17185_27521_27972_30469_30547_32354_34106_34232_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
nindex.php?page=treesubj&link=17185_18800_24406_27521_27972_30469_34106_34110_34264_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ -
nindex.php?page=treesubj&link=17195الْعِلَّةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِتَحْرِيمِ الْمُسْكِرَاتِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَمَّا صَلَّى بَعْضُ
الْمُهَاجِرِينَ، وَقَرَأَ فِي صَلَاتِهِ، فَخَلَطَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يُنَادِي: لَا يَقْرَبِ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ . ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=27974_17195عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ - وَهُوَ الْقِمَارُ - وَهُوَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُوقِعُ بِهِمَا الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، فَإِنَّ مَنْ سَكِرَ، اخْتَلَّ عَقْلُهُ، فَرُبَّمَا تَسَلَّطَ عَلَى أَذَى النَّاسِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَرُبَّمَا بَلَغَ إِلَى الْقَتْلِ، وَهِيَ أُمُّ الْخَبَائِثِ . فَمَنْ شَرِبَهَا قَتَلَ النَّفْسَ وَزَنَا، وَرُبَّمَا كَفَرَ . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا أَيْضًا .
[ ص: 446 ] وَمَنْ قَامَرَ، فَرُبَّمَا قُهِرَ وَأُخِذَ مَالُهُ مِنْهُ قَهْرًا، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ فَيَشْتَدُّ حِقْدُهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ مَالَهُ . وَكُلُّ مَا أَدَّى إِلَى إِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ كَانَ حَرَامًا . وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَصُدُّ بِالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ . فَإِنَّ السَّكْرَانَ يَزُولُ عَقْلُهُ، أَوْ يَخْتَلُّ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ، وَلَا أَنْ يُصَلِّيَ، وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ: إِنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ تَمُرُّ عَلَيْهِ سَاعَةٌ لَا يَعْرِفُ فِيهَا رَبَّهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْرِفُوهُ، وَيَذْكُرُوهُ، وَيَعْبُدُوهُ، وَيُطِيعُوهُ، فَمَا أَدَّى إِلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَالَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ مَعْرِفَةِ رَبِّهِ وَذِكْرِهِ وَمُنَاجَاتِهِ، كَانَ مُحَرَّمًا، وَهُوَ السُّكْرُ، وَهَذَا بِخِلَافِ النَّوْمِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَبَلَ الْعِبَادَ عَلَيْهِ، وَاضْطَرَّهُمْ إِلَيْهِ، وَلَا قِوَامَ لِأَبْدَانِهِمْ إِلَّا بِهِ، إِذْ هُوَ رَاحَةٌ لَهُمْ مِنَ السَّعْيِ وَالنَّصَبِ، فَهُوَ مَنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، فَإِذَا نَامَ الْمُؤْمِنُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَمُنَاجَاتِهِ وَدُعَائِهِ، كَانَ نَوْمُهُ عَوْنًا لَهُ عَلَى الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: إِنِّي أَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي .
وَكَذَلِكَ الْمَيْسِرُ: يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَعْكُفُ بِقَلْبِهِ عَلَيْهِ، وَيَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ مَصَالِحِهِ وَمُهِمَّاتِهِ حَتَّى لَا يَكَادَ يَذْكُرُهَا لِاسْتِغْرَاقِهِ فِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ لَمَّا مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ; فَشَبَّهَهُمْ بِالْعَاكِفِينَ عَلَى التَّمَاثِيلِ . وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=937145 "إِنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ " فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ قَلْبُهُ بِهَا، فَلَا يَكَادُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَدَعَهَا كَمَا
[ ص: 447 ] لَا يَدَعُ عَابِدُ الْوَثَنِ عِبَادَتَهُ .
وَهَذَا كُلُّهُ مُضَادٌّ لِمَا خَلَقَ اللَّهُ الْعِبَادَ لِأَجْلِهِ مِنْ تَفْرِيغِ قُلُوبِهِمْ لِمَعْرِفَتِهِ . وَمَحَبَّتِهِ، وَخَشْيَتِهِ، وَذِكْرِهِ وَمُنَاجَاتِهِ، وَدُعَائِهِ، وَالِابْتِهَالِ إِلَيْهِ، فَمَا حَالَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْعَبْدِ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ، بَلْ كَانَ ضَرَرًا مَحْضًا عَلَيْهِ . كَانَ مُحَرَّمًا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ رَآهُمْ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ: مَا لِهَذَا خُلِقْتُمْ . وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27974الْمَيْسِرَ مُحَرَّمٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27238الشِّطْرَنْجَ كَالنَّرْدِ أَوْ شَرٌّ مِنْهُ، لِأَنَّهَا تَشْغَلُ أَصْحَابَهَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنَ النَّرْدِ .
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=846455 "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ "، وَكُلُّ مَا أَسْكَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فَهُوَ حَرَامٌ .