ثم قال تعالى محرضا رسوله النبي الأكرم: إنا كفيناك المستهزئين أي حفظناك من شرهم، فلا ينالون منك ولا من دعوتك، وما يكون منهم من أذى بالقول أو الغمز أو نحو ذلك من أساليب الاستهزاء أو السخرية والتعابث في تلقي الدعوة، لن ينال من شخصك، ولا من أتباعك إلا بمقدار ما ينال المؤمن صاحب الحق من عبث العابثين، وإن يسخروا منك، فسوف يكون اليوم الذي يسخر الحق منهم.
وفي بعض التفسير الأثري أن الله تعالى كفاه أشد المستهزئين، وذكر أنهم كانوا خمسة رجال من أشراف قريش هم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل، وعدي بن قيس، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب يبالغون في إيذاء النبي - صلى الله عليه وسلم - والتهكم به وبدعوته، فأهلكهم الله تعالى، أما الوليد فمر بنبال فتعلق به سهم، فلم ينعطف تعظما لأخذه فأصاب عرقا في عقبه فمات قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يحضر بدرا، وأن العاص بن وائل، قد دخلت في أخمص قدمه شوكة فانتفخت رجله حتى صارت كالرحى، ومات منها، وأما عدي بن قيس، فامتخط [ ص: 4117 ] قيحا حتى مات، وأما الأسود بن عبد يغوث فإنه كان تحت شجرة فأصابته حال كان ينطح بسببها الشجرة، ويضرب الشوك حتى مات، وأما الأسود بن المطلب، فقد أصابه الاستسقاء، وهذا خبر قد روي وليس لنا أن نرده، لمجرد أنه خارق للعادة، ولكن نقول: الآية من غير الاعتماد عليه واضحة.