ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه
جاء النهي من الله تعالى بألا يطرد أهل التقى ولو كانوا عبيدا أو فقراء؛ فإن هؤلاء يقوم بهم عمود الدين، وإذا كانت الضلالة لا تساوي الهداية، والعمى [ ص: 2512 ] لا يستوي مع البصر، فإنه لا يصح أنه يطرد الفقراء لرجاء إجابة الأغنياء، ولا يطرد الضعفاء لرجاء إجابة الأقوياء، يروى عن أنه مر الملأ من ابن مسعود قريش بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وعنده صهيب وعمار وبلال ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا وخباب محمد، رضيت بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء الذين من الله عليهم من بيننا؟ أنحن نكون تبعا لهؤلاء; فلعلك إن طردتهم أن نتبعك.
وروي في قوله تعالى: خباب بن الأرت ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي إلى قوله: فتكون من الظالمين قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري فوجدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- قاعدا مع بلال وصهيب وعمار في أناس من الضعفاء من المؤمنين; فلما رأوهم حوله أتوه، فقالوا: إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا وخباب العرب به فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك، فنستحي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت، فنزل قوله تعالى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم عن
هذا ما قيل في سبب نزول هذه الآية، والنص يومئ إلى هذا المعنى، فقد قال تعالى، كما سنتلوا: