وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض
كهذا الإلهام الذي ألهمه إبراهيم صغيرا من إنكاره الأصنام، نرى إبراهيم سر الوجود نريه ملكوت أي: ملك، وزيدت الواو والتاء للمبالغة في ملك الله تعالى، وأنسب أنها للمبالغة في سر الملك، وهو دلالته على الخالق المنشئ ليعلم ويعرف، ويحكم بالحق، وقال تعالى: وليكون من الموقنين الواو للعطف على فعل مفهوم من مضمون الكلام السابق، إذ تقدير القول: نري إبراهيم سر الملك في السماوات والأرض، وما يدل عليه ليعرف الله تعالى، وليكون من الموقنين الذين يعرفون الحق، ويجزمون به من دليله، ومن المعاينة التي تكشف عما غيب، لتعرف الغيب من مظاهر الحس.
قد أخذ إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وهو بعد لم يبلغ أشده كما تدل على ذلك الأخبار الصحاح يتعرف الإله على ما يجري عليه علمهم، وما يقدسون، لقد كانوا يقدسون الكواكب أو يعبدونها ويسمون أصنامهم بأسمائها، أخذ يتتبع النجوم والكواكب، يتعرف خواصها في ظهورها وخفائها، وذلك في الليل؛ لأنه وقت ظهورها، إذ ضوء الشمس يخفيها.