[فصل]
في سجود التلاوة
وهو مما يتأكد الاعتناء به؛ فقد أجمع العلماء على الأمر بسجود التلاوة ، واختلفوا في أنه أمر استحباب أم إيجاب؟
فقال الجماهير: ليس بواجب بل مستحب، وهذا قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وابن عباس ، وعمران بن حصين ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وداود ، وغيرهم.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: هو واجب، واحتج بقوله تعالى: فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون
واحتج الجمهور بما صح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النمل، حتى إذا جاء السجدة [ ص: 136 ] نزل فسجد، وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها الناس إنما نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، ولم يسجد عمر رواه البخاري .
وهذا الفعل والقول من عمر - رضي الله عنه - في هذا المجمع دليل ظاهر.
وأما الجواب عن الآية التي احتج بها أبو حنيفة - رضي الله عنه – فظاهر؛ لأن المراد ذمهم على ترك السجود؛ تكذيبا، كما قال تعالى بعده: بل الذين كفروا يكذبون
وثبت في الصحيحين، عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أنه قرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والنجم) فلم يسجد .
وثبت في الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - سجد في (النجم) فدل على أنه ليس بواجب.


