[ ص: 124 ] باب الإحصار ( جاز له التحلل ) وقال وإذا أحصر المحرم بعدو أو أصابه مرض فمنعه من المضي رحمه الله : لا يكون الإحصار إلا بالعدو ; لأن التحلل بالهدي شرع في حق المحصر ; لتحصيل النجاة وبالإحلال ينجو من العدو لا من المرض . ولنا أن آية الإحصار وردت في الإحصار بالمرض بإجماع أهل اللغة فإنهم قالوا : الإحصار بالمرض والحصر بالعدو [ ص: 125 ] والتحلل قبل أوانه لدفع الحرج الآتي من قبل امتداد الإحرام ، والحرج في الاصطبار عليه مع المرض أعظم ، [ ص: 126 ] وإذا جاز له التحلل ( يقال له ابعث شاة تذبح في الحرم وواعد من تبعثه بيوم بعينه يذبح فيه ثم تحلل ) وإنما يبعث إلى الحرم ; لأن دم الإحصار قربة ، والإراقة لم تعرف قربة إلا في زمان أو مكان على ما مر فلا يقع قربة دونه [ ص: 127 ] فلا يقع به التحلل ، وإليه الإشارة بقوله تعالى { الشافعي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } فإن الهدي اسم لما يهدى إلى الحرم .
وقال رحمه الله : لا يتوقت به ; لأنه شرع رخصة والتوقيت يبطل التخفيف . قلنا : المراعى أصل التخفيف لا نهايته ، [ ص: 128 ] وتجوز الشاة ; لأن المنصوص عليه الهدي والشاة أدناه ، وتجزيه البقرة والبدنة أو سبعهما كما في الضحايا ، وليس المراد بما ذكرنا بعث الشاة بعينها ; لأن ذلك قد يتعذر ، بل له أن يبعث بالقيمة حتى تشترى الشاة هنالك وتذبح عنه . وقوله ثم تحلل إشارة إلى أنه ليس عليه الحلق أو التقصير ، وهو قول الشافعي أبي حنيفة رحمهما الله ، وقال ومحمد : عليه ذلك ، ولو لم يفعل لا شيء عليه { أبو يوسف ; لأنه صلى الله عليه وسلم حلق عام الحديبية ، وكان محصرا بها وأمر أصحابه رضي الله عنهم بذلك } . ولهما أن الحلق إنما عرف قربة مرتبا على أفعال الحج فلا يكون نسكا قبلها وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليعرف استحكام عزيمتهم على الانصراف . [ ص: 129 ] ( وإن كان قارنا بعث بدمين ) لاحتياجه إلى التحلل من إحرامين ، فإن بعث بهدي واحد ليتحلل عن الحج ويبقى في إحرام العمرة لم يتحلل عن واحد منهما ; لأن التحلل منهما شرع في حالة واحدة .
[ ص: 124 ]