فصل قال ( وإذا فهو بالخيار ، إن شاء أخذها بالثمن وقيمة البناء والغرس ، وإن شاء كلف المشتري قلعه ) وعن بنى المشتري فيها أو غرس ثم قضي للشفيع بالشفعة أنه لا يكلف القلع ويخير بين أن يأخذ بالثمن وقيمة البناء والغرس وبين أن يترك ، وبه قال أبي يوسف ، إلا أن عنده له أن يقلع ويعطي قيمة البناء الشافعي أنه محق في البناء لأنه بناه على أن الدار ملكه ، والتكليف بالقلع من أحكام العدوان وصار كالموهوب له والمشتري شراء فاسدا ، وكما إذا زرع المشتري فإنه لا يكلف القلع ، وهذا لأن في إيجاب الأخذ بالقيمة دفع أعلى الضررين بتحمل الأدنى فيصار إليه ووجه ظاهر الرواية أنه بنى في محل تعلق به حق متأكد للغير [ ص: 399 ] من غير تسليط من جهة من له الحق فينقض كالراهن إذا بنى في المرهون ، وهذا لأن حقه أقوى من حق المشتري لأنه يتقدم عليه وهذا ينقض بيعه وهبته وغيره من تصرفاته ، بخلاف الهبة والشراء الفاسد عند لأبي يوسف ، لأنه [ ص: 400 ] حصل بتسليط من جهة من له الحق ، ولأن حق الاسترداد فيهما ضعيف ولهذا لا يبقى بعد البناء ، وهذا الحق يبقى فلا معنى لإيجاب القيمة كما في الاستحقاق ، والزرع يقلع قياسا . أبي حنيفة
[ ص: 401 ] وإنما لا يقلع استحسانا لأن له نهاية معلومة ويبقى بالأجر وليس فيه كثير ضرر ، وإن أخذه بالقيمة يعتبر قيمته مقلوعا كما بيناه في الغصب ( ولو رجع بالثمن ) لأنه تبين أنه أخذه بغير حق ولا يرجع بقيمة البناء والغرس ، لا على البائع إن أخذها منه ، ولا على المشتري إن أخذها منه وعن أخذها الشفيع فبنى فيها أو غرس ثم استحقت أنه يرجع لأنه متملك عليه فنزلا منزلة البائع والمشتري ، والفرق على ما هو المشهور أن المشتري مغرور من جهة البائع ومسلط عليه من جهته ، ولا غرور ولا تسليط في حق الشفيع من المشتري لأنه مجبور عليه [ ص: 402 ] قال ( وإذا أبي يوسف فالشفيع بالخيار ، إن شاء أخذها بجميع الثمن ) لأن البناء والغرس تابع حتى دخلا في البيع من غير ذكر فلا يقابلهما شيء من الثمن ما لم يصر مقصودا ولهذا جاز بيعها مرابحة بكل الثمن في هذه الصورة ، بخلاف ما إذا غرق نصف الأرض حيث يأخذ الباقي بحصته لأن الفائت بعض الأصل قال . انهدمت الدار أو احترق بناؤها أو جف شجر البستان بغير فعل أحد
( وإن شاء ترك ) لأن له أن يمتنع عن تملك الدار بماله قال ( وإن قيل للشفيع إن شئت فخذ العرصة بحصتها ، وإن شئت فدع ) لأنه صار مقصودا بالإتلاف فيقابله شيء من الثمن ، بخلاف الأول لأن الهلاك بآفة سماوية ( وليس للشفيع أن يأخذ النقض ) لأنه صار مفصولا فلم يبق تبعا قال ( ومن نقض المشتري البناء أخذها الشفيع بثمرها ) ومعناه إذا ذكر الثمر في البيع لأنه لا يدخل من غير ذكر ، وهذا الذي ذكره استحسان وفي القياس لا يأخذه لأنه ليس يتبع ; ألا يرى أنه لا يدخل في البيع من غير ذكر فأشبه المتاع في الدار . وجه الاستحسان أنه باعتبار الاتصال صار تبعا للعقار كالبناء في الدار ، وما كان مركبا فيه فيأخذه الشفيع قال ( وكذلك إن ابتاعها وليس في النخيل ثمر فأثمر في يد المشتري ) يعني يأخذه الشفيع لأنه مبيع تبعا لأن البيع سرى إليه على ما عرف في ولد المبيع قال ( فإن ابتاع أرضا وعلى نخلها ثمر لا يأخذ الثمر في الفصلين جميعا ) لأنه لم يبق تبعا للعقار وقت الأخذ حيث صار مفصولا عنه فلا يأخذه [ ص: 403 ] قال في الكتاب ( وإن جده المشتري سقط عن الشفيع حصته ) قال رضي الله عنه ( وهذا جواب الفصل الأول ) لأنه دخل في البيع مقصودا فيقابله شيء من الثمن ( أما في الفصل الثاني يأخذ ما سوى الثمر بجميع الثمن ) لأن الثمر لم يكن موجودا عند العقد فلا يكون مبيعا إلا تبعا فلا يقابله شيء من الثمن والله أعلم جده المشتري ثم جاء الشفيع