[ ص: 425 ] كتاب القسمة مشروعة ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام باشرها في المغانم والمواريث ، وجرى [ ص: 426 ] التوارث بها من غير نكير ، ثم هي لا تعرى عن معنى المبادلة ، لأن ما يجتمع لأحدهما بعضه كان له وبعضه كان لصاحبه فهو يأخذه عوضا عما بقي من حقه في نصيب صاحبه فكان مبادلة وإفرازا ، والإفراز هو الظاهر في المكيلات والموزونات لعدم التفاوت ، حتى كان لأحدهما أن يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه ، ولو اشترياه فاقتسماه يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بنصف الثمن ، ومعنى المبادلة هو الظاهر في الحيوانات والعروض للتفاوت حتى لا يكون لأحدهما أخذ نصيبه عند غيبة الآخر . القسمة في الأعيان المشتركة
ولو اشترياه فاقتسماه لا يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بعد القسمة
[ ص: 427 - 428 ] إلا أنها إذا كانت من جنس واحد أجبر القاضي على القسمة عند طلب أحد الشركاء لأن فيه معنى الإفراز لتقارب المقاصد والمبادلة مما يجري فيه الجبر كما في قضاء الدين ، وهذا لأن أحدهم بطلب القسمة يسأل القاضي أن يخصه بالانتفاع بنصيبه ويمنع الغير عن الانتفاع بملكه ، فيجب على القاضي إجابته وإن لا يجبر القاضي على قسمتها لتعذر المعادلة باعتبار فحش التفاوت في المقاصد ، ولو تراضوا عليها جاز لأن الحق لهم قال ( وينبغي للقاضي أن كانت أجناسا مختلفة ) لأن القسمة من جنس عمل القضاء من حيث إنه يتم به قطع المنازعة فأشبه رزق القاضي ، ولأن منفعة نصب القاسم تعم العامة [ ص: 429 ] فتكون كفايته في مالهم غرما بالغنم قال ( فإن لم يفعل نصب قاسما يقسم بالأجر ) معناه بأجر على المتقاسمين ، لأن النفع لهم على الخصوص ، وبقدر أجر مثله كي لا يتحكم بالزيادة ، والأفضل أن يرزقه من بيت المال لأنه أرفق بالناس وأبعد عن التهمة . ينصب قاسما يرزقه من بيت المال ليقسم بين الناس بغير أجر