[ ص: 455 ] فصل في المهايأة جائزة استحسانا للحاجة إليه ، إذ قد يتعذر الاجتماع على الانتفاع فأشبه القسمة . ولهذا يجري فيه [ ص: 456 ] جبر القاضي كما يجري في القسمة ، إلا أن القسمة أقوى منه في استكمال المنفعة لأنه جمع المنافع في زمان واحد ، والتهايؤ جمع على التعاقب ، ولهذا لو المهايأة يقسم القاضي لأنه أبلغ في التكميل . ولو طلب أحد الشريكين القسمة والآخر المهايأة يقسم وتبطل المهايأة لأنه أبلغ ، ولا يبطل وقعت فيما يحتمل القسمة ثم طلب أحدهما القسمة ولا بموتهما لأنه لو انتقض لاستأنفه الحاكم فلا فائدة في النقض ثم الاستئناف ( ولو التهايؤ بموت أحدهما جاز ) لأن القسمة على هذا الوجه جائزة فكذا المهايأة ، والتهايؤ في هذا الوجه إفراز لجميع الأنصباء لا مبادلة ولهذه لا يشترط فيه التأقيت ( ولكل واحد أن يستغل ما أصابه [ ص: 457 ] بالمهايأة شرط ذلك في العقد أو لم يشترط ) لحدوث المنافع على ملكه ( ولو تهايأ في دار واحدة على أن يسكن هذا طائفة وهذا طائفة أو هذا علوها وهذا سفلها جاز ) ، وكذا هذا في البيت الصغير ( لأن المهايأة قد تكون في الزمان ، [ ص: 458 ] وقد تكون من حيث المكان ) والأول متعين هاهنا ( ولو تهايئا في عبد واحد على أن يخدم هذا يوما وهذا يوما يأمرهما القاضي بأن يتفقا ) لأن التهايؤ في المكان أعدل وفي الزمان أكمل ، فلما اختلفت الجهة لا بد من الاتفاق ( فإن اختاراه من حيث الزمان يقرع في البداية ) نفيا للتهمة ( ولو اختلفا في التهايؤ من حيث الزمان والمكان في محل يحتملهما جاز عندهما ) لأن القسمة على هذا الوجه جائزة عندهما جبرا من القاضي وبالتراضي فكذا المهايأة . وقيل عند تهايئا في العبدين على أن يخدم هذا هذا العبد والآخر الآخر لا يقسم القاضي . وهكذا روي عنه لأنه لا يجري فيه الجبر عنده . [ ص: 459 ] والأصح أنه يقسم القاضي عنده أيضا ، لأن المنافع من حيث الخدمة قلما تتفاوت ، بخلاف أعيان الرقيق لأنها تتفاوت تفاوتا فاحشا على ما تقدم ( ولو أبي حنيفة جاز ) استحسانا للمسامحة في إطعام المماليك بخلاف شرط الكسوة لا يسامح فيها ( ولو تهايئا فيهما على أن نفقة كل عبد على من يأخذه جاز ويجبر القاضي عليه ) وهذا عندهما ظاهر ، لأن الدارين عندهما كدار واحدة . تهايئا في دارين على أن يسكن كل واحد منهما دارا
وقد قيل لا يجبر عنده اعتبارا بالقسمة . وعن أنه لا يجوز التهايؤ فيهما أصلا بالجبر لما قلنا ، وبالتراضي لأنه بيع السكنى بالسكنى ، بخلاف قسمة رقبتهما لأن بيع بعض أحدهما ببعض الآخر جائز . وجه الظاهر أن التفاوت يقل في المنافع فيجوز بالتراضي ويجري فيه جبر القاضي ويعتبر إفرازا أما يكثر التفاوت في أعيانهما فاعتبر مبادلة ( وفي الدابتين لا يجوز أبي حنيفة عند التهايؤ على الركوب وعندهما يجوز ) اعتبارا بقسمة الأعيان . أبي حنيفة
وله أن الاستعمال يتفاوت بتفاوت الراكبين فإنهم بين حاذق وأخرق . على هذا الخلاف لما قلنا ، بخلاف العبد لأنه يخدم باختياره فلا يتحمل زيادة على طاقته والدابة تحملها . وأما والتهايؤ في الركوب في دابة واحدة يجوز في الدار الواحدة في ظاهر الرواية [ ص: 460 ] وفي العبد الواحد والدابة الواحدة لا يجوز . ووجه الفرق هو أن النصيبين ، يتعاقبان في الاستيفاء ، والاعتدال ثابت في الحال . والظاهر بقاؤه في العقار وتغيره في الحيوان لتوالي أسباب التغير عليه فتفوت المعادلة . ولو زادت الغلة في نوبة أحدهما عليها في نوبة الآخر يشتركان في الزيادة ليتحقق التعديل ، بخلاف ما إذا كان التهايؤ على المنافع فاستغل أحدهما في نوبته زيادة ، لأن التعديل فيما وقع عليه التهايؤ حاصل وهو المنافع فلا تضره زيادة الاستغلال من بعد ( والتهايؤ على الاستغلال في الدارين جائز ) أيضا في ظاهر الرواية لما بينا ، ولو فضل غلة أحدهما لا يشتركان فيه بخلاف الدار الواحدة . والفرق أن في الدارين معنى التمييز ، والإفراز راجح لاتحاد زمان الاستيفاء ، وفي الدار الواحدة يتعاقب الوصول فاعتبر قرضا وجعل كل واحد في نوبته كالوكيل عن صاحبه فلهذا يرد عليه حصته من الفضل ، وكذا يجوز في العبدين عندهما اعتبارا بالتهايؤ في المنافع ، ولا يجوز عنده لأن التفاوت في أعيان الرقيق أكثر منه من حيث الزمان في العبد الواحد فأولى أن يمتنع الجواز ، [ ص: 461 ] التهايؤ في الاستغلال جوز ضرورة ، ولا ضرورة في الغلة لإمكان قسمتها لكونها عينا ، ولأن الظاهر هو التسامح في الخدمة والاستقصاء في الاستغلال فلا يتقاسمان ( ولا يجوز في الدابتين عنده خلافا لهما ) والوجه ما بيناه في الركوب ( ولو والتهايؤ في الخدمة لا يجوز ) لأن المهايأة في المنافع ضرورة أنها لا تبقى فيتعذر قسمتها ، وهذه أعيان باقية ترد عليها القسمة عند حصولها . والحيلة أن يبيع حصته من الآخر ثم يشتري كلها بعد مضي نوبته أو ينتفع باللبن بمقدار معلوم استقراضا لنصيب صاحبه ، إذ كان نخل أو شجر أو غنم بين اثنين فتهايئا على أن يأخذ كل واحد منهما طائفة يستثمرها أو يرعاها ويشرب ألبانها جائز . قرض المشاع