قال ( ويجوز ) ; لأنه يتحقق الاستيفاء منه فكان محلا للرهن ( فإن رهن الدراهم والدنانير والمكيل والموزون هلكت بمثلها من الدين وإن اختلفا في الجودة ) ; لأنه لا معتبر بالجودة عند المقابلة بجنسها ، وهذا عند رهنت بجنسها فهلكت ; لأن عنده يصير مستوفيا باعتبار الوزن دون القيمة ، أبي حنيفة وعندهما يضمن القيمة من خلاف جنسه ويكون رهنا مكانه ( وفي الجامع الصغير : فإن فهو بما فيه ) قال رضي الله عنه : معناه أن تكون قيمته مثل وزنه أو أكثر رهن إبريق فضة وزنه عشرة بعشرة فضاع
هذا الجواب في الوجهين بالاتفاق ; لأن الاستيفاء عنده باعتبار الوزن وعندهما باعتبار القيمة ، وهي مثل الدين في الأول وزيادة عليه في الثاني فيصير بقدر الدين مستوفيا ( فإن فهو على الخلاف ) المذكور كان قيمته أقل من الدين
لهما أنه لا وجه إلى الاستيفاء بالوزن لما فيه من الضرر بالمرتهن ، ولا إلى اعتبار القيمة ; لأنه يؤدي إلى الربا فصرنا إلى التضمين ، بخلاف الجنس لينتقض القبض ويجعل مكانه ثم يتملكه
وله أن الجودة ساقطة العبرة في الأموال الربوية عند المقابلة بجنسها ، واستيفاء الجيد بالرديء جائز كما إذا تجوز به وقد حصل الاستيفاء بالإجماع ولهذا يحتاج إلى نقضه ، ولا يمكن نقضه بإيجاب [ ص: 164 ] الضمان ; لأنه لا يد له من مطالب ومطالب ، وكذا الإنسان لا يضمن ملك نفسه وبتعذر التضمين يتعذر النقض ، وقيل : هذه فريعة ما إذا استوفى الزيوف مكان الجياد فهلكت ثم علم بالزيافة يمنع الاستيفاء وهو معروف ، غير أن البناء لا يصح ما هو المشهور ; لأن فيها مع محمدا وفي هذا مع أبي حنيفة أبي يوسف
والفرق أنه قبض الزيوف ليستوفي من عينها ، والزيافة لا تمنع الاستيفاء ، وقد تم بالهلاك وقبض الرهن ليستوفي من محل آخر فلا بد من نقض القبض ، وقد أمكن عنده بالتضمين ، ولو انكسر الإبريق ففي الوجه الأول وهو ما إذا كانت [ ص: 165 ] قيمته مثل وزنه عند أبي حنيفة لمحمد لا يجبر على الفكاك ; لأنه لا وجه إلى أن يذهب شيء من الدين ; لأنه يصير قاضيا دينه بالجودة على الانفراد ، ولا إلى أن يفتكه مع النقصان لما فيه من الضرر فخيرناه ، إن شاء افتكه بما فيه وإن شاء ضمنه قيمته من جنسه أو خلاف جنسه ، وتكون رهنا عند المرتهن ، والمكسور للمرتهن بالضمان وأبي يوسف
وعند إن شاء افتكه ناقصا ، وإن شاء جعله بالدين اعتبارا لحالة الانكسار بحالة الهلاك ، وهذا ; لأنه لما تعذر الفكاك مجانا صار بمنزلة الهلاك ، وفي الهلاك الحقيقي مضمون بالدين بالإجماع فكذا فيما هو في معناه محمد
قلنا : الاستيفاء عند الهلاك بالمالية ، وطريقه أن يكون مضمونا بالقيمة ثم تقع المقاصة ، وفي جعله بالدين إغلاق الرهن وهو حكم جاهلي فكان التضمين بالقيمة أولى
وفي الوجه الثالث وهو ما إذا كانت قيمته أقل من وزنه ثمانية يضمن قيمته جيدا من خلاف جنسه أو رديئا من جنسه وتكون رهنا عنده ، وهذا بالاتفاق [ ص: 166 ] أما عندهما فظاهر
وكذلك عند ; لأنه يعتبر حالة الانكسار بحالة الهلاك ، والهلاك عنده بالقيمة محمد
وفي الوجه الثاني وهو ما إذا كانت قيمته أكثر من وزنه اثني عشر عند يضمن جميع قيمته وتكون رهنا عنده ; لأن العبرة للوزن عنده لا للجودة والرداءة أبي حنيفة
فإن كان باعتبار الوزن كله مضمونا يجعل كله مضمونا ، وإن كان بعضه فبعضه ، وهذا لأن الجودة تابعة للذات ، ومتى صار الأصل مضمونا استحال أن يكون التابع أمانة
وعند يضمن خمسة أسداس قيمته ، ويكون خمسة أسداس الإبريق له بالضمان وسدسه يفرز حتى لا يبقى الرهن شائعا ، ويكون مع قيمته خمسة أسداس المكسور رهنا ; فعنده تعتبر الجودة والرداءة ، وتجعل زيادة القيمة كزيادة الوزن كأن وزنه اثنا عشر ، وهذا لأن الجودة متقومة في ذاتها حتى تعتبر عند المقابلة ، بخلاف جنسها ، وفي تصرف المريض ، وإن كانت لا تعتبر عند المقابلة بجنسها سمعا فأمكن اعتبارها ، وفي بيان [ ص: 167 ] قول أبي يوسف نوع طول يعرف في موضعه من المبسوط والزيادات مع جميع شعبها محمد