( وإن يقال لهما افدياه ) ; لأن النصف منه مضمون ، والنصف أمانة ، والفداء في المضمون على المرتهن ، وفي الأمانة على الراهن ، فإن أجمعا على الدفع دفعاه وبطل دين المرتهن ، والدفع لا يجوز في الحقيقة من المرتهن لما بينا ، وإنما منه الرضا به ( فإن تشاحا فالقول لمن قال أنا أفدي راهنا كان أو مرتهنا ) أما المرتهن فلأنه ليس في الفداء إبطال حق الراهن ، وفي الدفع الذي يختاره الراهن إبطال المرتهن ، وكذا في جناية الرهن إذا قال المرتهن أنا أفدي له [ ص: 195 ] ذلك وإن كان المالك يختار الدفع ; لأنه إن لم يكن مضمونا فهو محبوس بدينه كانت قيمة العبد ألفين وهو رهن بألف وقد جنى العبد
وله في الفداء غرض صحيح ، ولا ضرر على الراهن ، فكان له أن يفدي ، وأما الراهن فلأنه ليس للمرتهن ولاية الدفع لما بينا فكيف يختاره ( ويكون المرتهن في الفداء متطوعا في حصة الأمانة حتى لا يرجع على الراهن ) ; لأنه يمكنه أن لا يختاره فيخاطب الراهن ، فلما التزمه ، والحالة هذه كان متبرعا ، وهذا على ما روي عن رحمه الله أنه لا يرجع مع الحضور ، وسنبين القولين إن شاء الله تعالى ( ولو أبى المرتهن أن يفدي وفداه الراهن فإنه يحتسب على المرتهن نصف الفداء من دينه ) ; لأن سقوط الدين أمر لازم فدى أو دفع فلم يجعل الراهن في الفداء متطوعا ، ثم ينظر إن كان نصف الفداء مثل الدين أو أكثر بطل الدين ، وإن كان أقل سقط من الدين بقدر نصف الفداء ، وكان العبد رهنا بما بقي ; لأن الفداء في نصف كان عليه ، فإذا أداه الراهن ، وهو ليس بمتطوع كان له الرجوع عليه فيصير قصاصا بدينه كأنه أوفى نصفه فيبقى العبد رهنا بما بقي ( ولو كان المرتهن فدى ، والراهن حاضر فهو متطوع ، وإن كان غائبا لم يكن متطوعا ) وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد والحسن رحمهم الله : المرتهن متطوع في الوجهين ; لأنه فدى ملك غيره بغير أمره فأشبه الأجنبي وزفر
وله أنه إذا كان الراهن حاضرا أمكنه مخاطبته ، فإذا فداه المرتهن فقد تبرع كالأجنبي ، فأما إذا كان الراهن غائبا تعذر مخاطبته ، والمرتهن يحتاج إلى إصلاح المضمون ، ولا يمكنه ذلك إلا بإصلاح الأمانة فلا يكون متبرعا