قال فالمحاباة أولى عند ( وإن حابى ثم أعتق وضاق الثلث عنهما ) ، أبي حنيفة فهما سواء ، ( وقالا : العتق أولى في المسألتين ) والأصل فيه أن الوصايا إذا لم يكن فيها ما جاوز الثلث فكل من أصحابها يضرب بجميع وصيته في الثلث لا يقدم البعض على البعض إلا الموقع في المرض ، وإن أعتق ثم حابى والمحاباة في البيع إذا وقعت في المرض لأن الوصايا قد تساوت ، والتساوي في سبب الاستحقاق يوجب التساوي في نفس الاستحقاق ، وإنما قدم العتق الذي ذكرناه [ ص: 465 ] آنفا لأنه أقوى فإنه لا يلحقه الفسخ من جهة الموصي ، وغيره يلحقه . وكذلك المحاباة لا يلحقها الفسخ من جهة الموصي ، وإذا تقدم ذلك فما بقي من الثلث بعد ذلك فيه من سواهما من أهل الوصايا ، ولا يقدم البعض على البعض . لهما في الخلافية أن العتق أقوى لأنه لا يلحقه الفسخ والمحاباة يلحقها ، ولا معتبر بتقديم الذكر لأنه لا يوجب التقدم في الثبوت . وله أن المحاباة أقوى ، [ ص: 466 ] لأنها تثبت في ضمن عقد المعاوضة فكان تبرعا بمعناه لا بصيغته ، والإعتاق تبرع صيغة ومعنى ، فإذا وجدت المحاباة أولا دفع الأضعف ، وإذا وجد العتق أولا وثبت وهو لا يحتمل الدفع كان من ضرورته المزاحمة ، وعلى هذا قال والعتق المعلق بموت الموصي كالتدبير الصحيح رحمه الله : أبو حنيفة قسم الثلث بين المحاباتين نصفين لتساويهما ، ثم ما أصاب المحاباة الأخيرة قسم بينها وبين العتق لأن العتق مقدم عليها فيستويان ، إذا حابى ثم أعتق ثم حابى قسم الثلث بين العتق الأول والمحاباة نصفين ، وما أصاب العتق قسم بينه وبين العتق الثاني ، وعندهما العتق أولى بكل حال . ولو أعتق ثم حابى ثم أعتق