يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم [101]
(أشياء) لا تنصرف، وللنحويين فيها أقوال:
قال الخليل - رحمهما الله – وسيبويه والمازني: أصلها فعلاء شيئاء، فاستثقلت همزتان بينهما ألف، فقلبت الأولى فصارت لفعاء.
وقال الكسائي : لم تنصرف؛ لأنها أشبهت حمراء؛ لقول العرب: أشياوات مثل حمراوات. وأبو عبيد
وقال الأخفش والفراء والزيادي: لم تنصرف؛ لأنها أفعلاء أشيئاء على وزن أشيعاع، كما يقال: هين وأهوناء.
قال أبو حاتم : أشياء أفعال، مثل أنباء، وكان يجب أن تنصرف، إلا أنها سمعت عن العرب [ ص: 43 ] غير معروفة، فاحتال لها النحويون باحتيالات لا تصح.
قال : أصح هذه الأقوال قول أبو جعفر الخليل وسيبويه والمازني، ويلزم الكسائي وأبا عبيد ألا يصرفا ( أسماء ) و(أبناء) لأنه يقال فيهما: أسماوات وأبناوات.
حدثني أحمد بن محمد الطبري النحوي، يعرف بابن رستم، عن قال: قلت أبي عثمان المازني للأخفش : كيف تصغر أشياء؟ فقال: أشياء، فقلت له: يجب على قولك أن تصغر الواحد ثم تجمعه، فانقطع.
قال : وهذا كلام بين؛ لأن أشياء لو كانت أفعلاء ما جاز أن تصغر حتى ترد إلى الواحد، وأيضا فإن فعلا لا يجمع على أفعلاء. أبو جعفر
وأما أن يكون أفعالا على قول أبي حاتم فمحال؛ لأن أفعالا لا يمتنع من الصرف، وليس شيء يمتنع من الصرف لغير علة.
والتقدير: لا تسألوا عن أشياء عفا الله عنها - إن تبد لكم تسؤكم.
وأحسن ما قيل في هذا ما رواه - رحمه الله - أبو هريرة يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ». «أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - من أبي؟ فأنزل الله تعالى:
فالمعنى على هذا: لا تسألوا عن أشياء مستورة قد عفا الله عنها بالتوبة - إن تبد لكم تسؤكم، وعلم الله - جل وعز - أن الصلاح لهم ألا يسألوا عنها.
وقيل: هذه أشياء عفا الله عنها، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الحلال بين والحرام بين، وأشياء سكت الله عنها، هي عفو» ومعنى (سكت الله عنها): لم ينه عنها.