والغازي في الروم معا لقاء والياء عن كل بلفظ اللائي
ذكر في هذا البيت إلا أن الكلمة الأولى اختص بزيادة الياء فيها بعد الهمزة الإمام كلمتين مما زيدت فيه الياء وهما: "لقاء" معا في "الروم": و: "اللائي" الغازي بن قيس القرطبي، والكلمة الثانية زيدت فيها الياء عن كل شيوخ النقل.فأما "لقاء" معا في "الروم" ففي قوله تعالى: بلقاء ربهم لكافرون ، وفي قوله: وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة ، والعمل عندنا على عدم زيادة الياء في: "لقاء"، معا واحترز الناظم بقيد السورة عن الواقع في غيرها مخفوضا ومنصوبا نحو: قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله في "الأنعام"، ونحو: من كان يرجو لقاء الله في "العنكبوت"، فإنه لا خلاف في عدم زيادة الياء فيه.
وأما "اللائي" المنسوب لجميع شيوخ النقل ففي "الأحزاب": وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم ، وفي "المجادلة": إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم ، وفي "الطلاق": واللائي يئسن من المحيض ، واللائي لم يحضن .
"واعلم" أن الكلمات المذكورة في هذا الفصل تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم وقعت فيه همزة مكسورة ولم يتقدم عليها ألف، وقسم لم تقع فيه همزة مكسورة، وتقدم عليها ألف، وقسم لم تقع فيه همزة مكسورة.
فأما القسم الأول فهو: "من نبإي" في "الأنعام" و: "فإين"، و: "ملإ" المخفوض المضاف إلى الضمير.
وأما القسم الثاني فهو: "من تلقاءي" و: "وإيتاءي ذي القربى" و: "أو من وراءي"، و: "من آناءي"، و: "لقاءي" معا في "الروم" للغازي، وموضع رسم الياء في هذين القسمين بعد [ ص: 195 ] الهمزة، وقد وجهوا رسمها في القسمين بأوجه منها: أنها زائدة لتقوية الهمزة وبيانها، أو للدلالة على إشباع حركة الهمزة من غير تولد ياء لتتميز عن الحركة المختلسة، وعلى كون الياء زائدة في القسمين، اقتصر الناظم هنا، وعليه بنى في فن الضبط; لأنه نص فيه على لزوم الدارة لهذه الياء؛ وذلك إنما ينبني على أنها زائدة لما ذكرناه كما سيأتي في الضبط.
وبقي من ألفاظ القسم الثاني: "اللائي" وقد ذكره الناظم في هذا الفصل، وهو صريح في أن الياء فيه زائدة، وظاهر كلام الشيخين: أنها ليست زائدة، وسنتكلم في آخر فن الضبط على يائه، وعلى كيفية ضبطه إن شاء الله.
وأما القسم الثالث وهو ما لم تقع فيه همزة مكسورة فلفظان وهما: "بأييكم"، و: "بأييد"، ومقتضى القياس أن يرسم كل منهما بياء واحدة إلا أن كتاب المصاحف رسموا الأول؛ وهو: "بأييكم" بياءين للدلالة على أن الحرف المدغم الذي يرتفع اللسان به وبما أدغم فيه ارتفاعة واحدة حرفان في الأصل وفي الوزن، ورسموا الثاني وهو: "بأييد" بياءين أيضا: "الأولى هي الأصلية، والثانية هي الزائدة على المختار، للفرق بينه وبين "أيدي" في نحو: بأيدي سفرة و: أيدي الناس ; لأن "ما" زيدت فيه الياء مفرد بمعنى القوة، وهمزته فاء الكلمة وياؤه عينها، وداله لامها، وما لم تزد فيه الياء جمع مفرده "يد" بمعنى الجارحة وهمزته زائدة وياؤه الأولى فاء الكلمة، وداله عينها وياؤه الأخيرة لامها.
"فإن قيل": زيادة الياء غير محتاج إليها لظهور الفرق بينهما بوجود الياء بعد الدال في التي بمعنى الجوارح، وانعدامها في التي بمعنى القوة "فالجواب": أنهم أرادوا رفع توهم أنها كلها بمعنى الجوارح، وأن الياء حذفت في "بأييد"; لأنه غير مضاف وثبتت في نحو: بأيدي سفرة لأجل الإضافة; لأن ذلك هو شأن كل ما آخره ياء نحو:إن أجل الله لآت و: إلا آتي الرحمن عبدا فزادوا الياء في: "بأييد"، رفعا لهذا التوهم وبيانا للفرق بينهما، وخصوا: أيد ، الذي بمعنى القوة بالزيادة لخفته بسبب كونه مفردا سالما من الاعتلال بخلاف: "الأيدي" الذي بمعنى الجوارح، فإنه ثقيل بسبب كونه جمعا معتل اللام، واختصروا الجمع بين صورتين متماثلتين في هذين اللفظين للتنبيه على الأصل [ ص: 196 ] في: "بأييكم"، وعلى الفرق المذكور في: "بأييد"، وقد ذكروا في توجيه رسمهما بياءين غير ما قدمناه، وسيأتي في فن الضبط كيفية ضبطهما إن شاء الله.
وقوله: الغازي فاعل بفعل محذوف تقديره: "زاد"، و: "لقاء" مفعول: "زاد" بتقدير مضافين، أي: زاد ياء كلمتي لقاء، والتنوين في قوله: "عن كل" عوض من ضمير شيوخ النقل، والباء في قوله: بلفظ بمعنى في.