أما فيسن فيه التثليث كسائر النجاسات كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ( فإن لم ينق ) المحل بالثلاث ( وجب ) عليه ( الإنقاء ) برابع فأكثر لأنه المقصود من الاستنجاء والإنقاء أن يزيل العين حتى لا يبقى إلا أثر [ ص: 150 ] لا يزيله إلا الماء أو صغار الخزف ( وسن الإيتار ) بالمثناة في عدد المسحات حيث حصل الإنقاء بشفع بعد الثلاث لما صح من الأمر به ، ولم ينزلوا مزيل العين هنا منزلة المرة الواحدة لأن المقام مقام تخفيف ، والأمر هنا دائر على حصول الإيتار فقط رعاية للأمر به ، فالقول بأنه إن حصل الإنقاء بوتر سن ثنتان ليحصل فضل التثليث لنصهم على ندبه في إزالة النجاسة بزيادة ثنتين بعد الحكم بالطهارة ، أو بشفع سن ثلاث ثنتان للتثليث وواحدة للإيتار مردود عملا بإطلاقهم ، ولو الاستنجاء بالماء لم يحكم بنجاسة المحل وإن حكمنا على يده بالنجاسة لأنا لم نتحقق أن محل الريح باطن الأصبع الذي كان ملاصقا للمحل لاحتمال أنه في جوانبه فلا ينجس بالشك ، أو أن هذا المحل قد خفف فيه في الاستنجاء بالحجر فخفف فيه هنا واكتفى بغلبة ظن زوال النجاسة . شم ريح نجاسة في يده بعد استنجائه
( وكل حجر ) من الأحجار الواجبة ( لكل محله ) أي يمسح بكل حجر كل محله فيضع واحدا على مقدم صفحته اليمنى ويمره على الصفحتين حتى يصل إلى ما بدأ منه ، ويضع الثاني على مقدم اليسرى ويفعل مثل ذلك ، ويمر الثالث على الصفحتين [ ص: 151 ] والمسربة ( وقيل يوزعن لجانبيه والوسط ) فيمسح بحجر الصفحة اليمنى وبالثاني اليسرى وبالثالث الوسط ، والخلاف في الاستحباب لا في الوجوب ، ولا بد على كل قول من تعميم المحل بكل مسحة كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى ، ويعلم من كلام المصنف أن عطف قوله وكل حجر لكل محله على ثلاثة فيفيد وجوب تعميم كل مسحة من الثلاث لكل جزء من المحل ، وقد جزم بذلك في الأنوار للاتباع ولما صح من { ( ويسن ) الاستنجاء ( بيساره ) } فهو مكروه ، نهيه صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء باليمين أن يغسل بها ويصب باليمين ، وبالحجر في حق المرأة أن تمسح بما فيها من غير استعانة باليمين في شيء . وكيفية الاستنجاء باليسار بالماء
وكذا في حق الرجل في الغائط ، بخلاف البول فإنه إن استنجى بنحو جدار أمسك الذكر بها ومسحه على ثلاثة مواضع ، فإن ردده على محل مرتين تعين الماء ، وقضية كلام المجموع إجزاء المسح ما لم ينقل النجاسة سواء كان من أعلى إلى أسفل [ ص: 152 ] أم عكسه وهو ظاهر خلافا للقاضي ، ويسن أن يدلك يده بنحو الأرض ثم يغسلها وينضح فرجه وإزاره بعده ويعتمد أصبعه الوسطى لأنه أمكن ولا يتعرض للباطن فإنه منبع الوسواس ، ولو استنجى بالأحجار فعرق محله فإن سال منه وجاوزه لزمه غسل ما سال إليه وإلا فلا لعموم البلوى به ، وينبغي وضع الحجر على محل طاهر بقرب النجاسة ويديره قليلا قليلا ، ولا يضر النقل الحاصل من الإدارة الذي لا بد منه كما في المجموع ، وما في الروضة من كونه مضرا محمول على نقل من غير ضرورة ( ولا استنجاء واجب لدود وبعر بلا لوث في الأظهر ) إذ لا معنى له كالريح ، والثاني نعم إذ لا يخلو عن الرطوبة ، وعلى الأول يستحب خروجا من الخلاف ، وجمع بين الدود والبعر ليعلم أنه لا فرق بين الطاهر والنجس ، وقد نقل المتولي وغيره الإجماع على أنه لا يجب الاستنجاء من النوم والريح .
قال ابن الرفعة : ولم تفرق الأصحاب بين أن يكون المحل رطبا أو يابسا ، ولو قيل بوجوبه عند ترطب [ ص: 153 ] المحل لم يبعد كما قيل به في دخان النجاسة وهو مردود ، فقد قال الجرجاني إنه مكروه ، وصرح الشيخ نصر بتأثيم فاعله والمعتمد الأول ، وعلم من ذلك عدم الاستحباب منه أيضا وإن كان المحل رطبا كما أوضحته في شرح العباب .
ويقول بعد فراغ الاستنجاء كما في الإحياء : اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش .