للاتباع ولم يجبا لما مر ، ويحصل أقلهما بإيصال الماء إلى الفم والأنف وإن لم يدره في الفم ولا مجه ولا جذبه في الأنف ولا نثره ، وأكملهما بأن يديره ثم يمجه أو يجذبه ثم ينثره . ( و ) من سننه ( المضمضة و ) بعدها ( الاستنشاق )
وعلم مما قدرته في كلامي أن الترتيب بينهما مستحق لا مستحب ، وأشار إلى ذلك بقوله ثم الأصح إلى آخره ، فلو تقدم مؤخرا كأن استنشق قبل المضمضة حسبما بدأ به وفات ما كان محله قبله على الأصح في الروضة [ ص: 187 ] خلافا لما في المجموع ، إذ المعتمد ما فيها كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى لقولهم في الصلاة : الثالث عشر ترتيب الأركان فخرج السنن فيحسب منها ما أوقعه أولا فكأنه ترك غيره فلا يعتد بفعله بعد ذلك كما لو تعوذ ثم أتى بدعاء الافتتاح .
معرفة أوصاف الماء من طعم وريح ولون بالنظر هل تغير أو لا ؟ وقدم الفم لأنه أشرف من الأنف لكونه محلا للقرآن والأذكار وأكثر منفعة ( والأظهر أن فصلهما أفضل ) من جمعهما لما رواه وفائدة تقديم المضمضة والاستنشاق عن أبيه عن جده قال { طلحة بن مصرف } ( ثم الأصح ) على هذا الأفضل أنه ( يتمضمض بغرفة ثلاثا ، ثم يستنشق بأخرى ثلاثا ) فلا ينتقل إلى عضو إلا بعد كمال ما قبله ، وقيل يتمضمض بثلاث ثم يستنشق بثلاث وهو أضعفها وأنظفها ( ويبالغ فيهما غير الصائم ) لقوله صلى الله عليه وسلم { دخلت يعني على النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق } ولخبر { أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما } والمبالغة فيهما أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك ووجهي الأسنان واللثاة ، وفي الاستنشاق أن يصعد الماء بالنفس إلى الخيشوم ، أما الصائم [ ص: 188 ] فلا تسن له المبالغة بل تكره كما في المجموع لخوف الإفطار إلا أن يغسل فمه من نجاسة ، وإنما لم يحرم لكونهما مطلوبين في الوضوء بخلاف قبلة الصائم المحركة لشهوته ، لأنه هنا يمكنه إطباق حلقه ومج الماء وهناك لا يمكنه رد المني إذا خرج ، ولأن القبلة غير مطلوبة بل داعية لما يضاد الصوم من الإنزال بخلاف المبالغة . إذا توضأت فأبلغ في المضمضة والاستنشاق ما لم تكن صائما
ويؤخذ من ذلك حرمة المبالغة على صائم فرض غلب على ظنه سبق الماء إلى جوفه إن فعلها وهو ظاهر ( قلت : الأظهر تفضيل الجمع ) بين المضمضة والاستنشاق ويكون ( بثلاث غرف يتمضمض من كل ثم يستنشق ، والله أعلم ) لورود التصريح به ، وقيل يجمع بينهما بغرفة واحدة ، وفي كيفية ذلك وجهان : أحدهما يتمضمض منها ولاء ثلاثا ثم يستنشق ثلاثا .
والثاني يتمضمض منها ثم يستنشق منها ثم يفعل منها كذلك ثانيا وثالثا ، واستحسنه في الشرح الصغير