( ويسن أن ) " ; لأنه عليه السلام كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل " ويستحب تقف جماعة بعد دفنه عند قبره ساعة يسألون له التثبيت لخبر { تلقين الميت المكلف بعد تمام دفنه } الحديث فتأخير تلقينه لما بعد إهالة التراب أقرب إلى حالة سؤاله ، فيقول له : يا عبد الله ابن أمة الله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله وأن إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه يسمع قرع نعالهم ، فإذا انصرفوا أتاه ملكان محمدا رسول الله ، وأن الجنة حق وأن النار حق ، وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، وبالقرآن إماما ، وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخوانا .
وأنكر بعضهم قوله : يا ابن أمة الله ; لأن المشهور دعاء الناس بآبائهم يوم القيامة كما نبه عليه في صحيحه ، وظاهر أن محله في غير المنفي وولد الزنا على أن البخاري المصنف في مجموعه خير فقال يا فلان ابن فلان أو يا عبد الله ابن أمة الله ، ويقف الملقن عند رأس القبر .
وينبغي أن يتولاه أهل الدين والصلاح من أقربائه وإلا فمن غيرهم كما ذكره الأذرعي ، ولا يلقن طفل ولو مراهقا ومجنون لم يتقدمه تكليف كما قيد به الأذرعي لعدم افتتانهما ، واستثنى بعضهم شهيد المعركة كما لا يصلى عليه [ ص: 42 ] وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، والأصح أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يسألون ; لأن غير النبي يسأل عن النبي فكيف يسأل هو عن نفسه ( و ) يسن ( لجيران أهله ) ولو أجانب وأقاربه الأباعد وإن كانوا بغير بلد الميت ومعارفهم وإن لم يكونوا جيرانا كما في الأنوار ( تهيئة طعام يشبعهم يومهم وليلتهم ) لخبر { جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم } ولأنه بر ومعروف ، وقيد اصنعوا لآل الإسنوي اليوم والليلة بما إذا مات أوائله ، وإلا ضم إليه الليلة الثانية أيضا لا سيما إذا تأخر الدفن على تلك الليلة ( ويلح عليهم ) ندبا ( في الأكل ) لئلا يضعفوا بتركه ، ولا بأس بالقسم عليهم إذا عرف أنهم يبرون قسمه ، ويكره كما في الأنوار وغيره أخذا من كلام الرافعي والمصنف أنه بدعة لأهله صنع طعام يجمعون الناس عليه قبل الدفن وبعده لقول جرير : كنا نعد ذلك من النياحة ، والذبح والعقر عند القبر مذموم للنهي ( وتحرم تهيئته للنائحات ) ونحوهن ; لأنه إعانة على معصية ، والله أعلم .