( ويحرم ) على من ملك جارية وولدها ولو من مستولدة حدث قبل استيلادها كما شمله كلامهم بنحو بيع ولو من نفسه لطفله مثلا وقبله له كما شمله كلامه ; لأنا لا نأمن أن يبيعها عن ولده فيحصل التفريق أو هبة أو قرض أو قسمة بالإجماع لخبر { ( التفريق بين الأم ) الرقيقة وإن رضيت أو كانت كافرة أو مجنونة لها شعور تتضرر معه بالتفريق أو آبقة فما يظهر ( والولد ) الرقيق الصغير المملوكين لواحد } وخبر { من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة } فإن اختلف المالك أو كان أحدهما حرا جاز كما يجوز بعتق ووصية إذ المعتق محسن [ ص: 474 ] والوصية لا تقتضي التفريق بوضعها فلعل الموت يكون بعد زمان التحريم ، ويؤخذ منه أنه لو مات الموصي قبل التمييز تبين بطلانها ولا بعد فيه ، ويجوز بيع جزء منهما لواحد إن اتحد لانتفاء التفريق في بعض الأزمنة ، بخلاف ما لو اختلف كثلث وربع ، والأوجه صحة بيعه لمن يعتق عليه دون بيعه بشرط عتقه كما اقتضاه إطلاقهم لعدم تحققه ويؤيده ما مر من عدم صحة بيع المسلم للكافر بشرط عتقه ، ويمتنع بنحو إقالة ورد بعيب كما نقلاه وأقراه وإن خالف في ذلك جمع متأخرون . ملعون من فرق بين والدة وولدها
والمتجه كما قاله الأذرعي منع التفريق برجوع المقرض ومالك اللقطة دون الأصل الواهب ; لأن الحق في القرض واللقطة ثابت في الذمة ، وإذا تعذر الرجوع في العين رجع في غيرها ، بخلافه في الهبة فإنا لو منعناه فيها الرجوع لم يرجع الواهب بشيء ، وكالأم عند فقدها الأب والجدة لأم أو أب وإن عليا ، أما الجد للأم فالأوجه فيه كما قاله المتولي أنه كالجد للأب لعدهم له من الأصول في النفقة والإعفاف والعتق وغيرها وإن رجح جمع أنه كبقية المحارم ، ولو اجتمع أب وأم حرم بينه وبينها وحل بينه وبين الأب أو أب وجدة ولو من الأم فهما سواء [ ص: 475 ] فيباع مع أيهما كان ويمتنع التفريق بينه وبينهما ، وقد يجوز كما لو ملك كافر صغيرا وأبويه فأسلم الأب فإنه يتبعه ويباعان دونها ، بل لو مات الأب بيع الصغير وحده كما قاله في الشق الأول في الاستقصاء ، والثاني لبعض المتأخرين وما بحثه التفريق بسبب ضرورة الأذرعي من أنه لو سبى مسلم طفلا فتبعه ثم ملك أمه الكافرة جاز له بيع أحدهما فقط ممنوع إذ لا ضرورة هنا للبيع بخلافه في الأولى ، والأصحاب لم يفرقوا في الأم بين المسلمة والكافرة كما مر ، والتفرقة وجه للدارمي وتستمر حرمة التفريق ( حتى يميز ) الولد بأن يصير بحيث يأكل وحده ويشرب وحده ويستنجي وحده ، والأوجه عدم تقديره بسبع سنين لاستغنائه حينئذ عن التعهد .
ويفرق بينه وبين الأمر بالصلاة حيث لم يعتبر فيه التمييز قبل بأن ذلك فيه نوع تكليف وعقوبة فاحتيط له ( وفي قول حتى يبلغ ) لخبر فيه ولنقص تمييزه قبل بلوغه ولهذا حل التقاطه ، ويرد بمنع تأثير ذلك النقص وبأن الخبر ضعيف وحل التقاطه ليس لذلك كما يعلم من بابه ، ولا يرد على المصنف منع التفريق في المجنون وإن بلغ ; لأنه مفهوم من قوله حتى يميز ولا يعارض ما بعده وإن ادعاه بعضهم إذ لا مانع من ذكر شيئين وحكاية قول في أحدهما ، ويكره التفريق بعد التمييز وبعد البلوغ أيضا لما فيه من التشويش والعقد صحيح ، وأفتى الغزالي بامتناع التفريق بالمسافرة أي مع الرق وطرده ذلك في الزوجة الحرة ، بخلاف الأمة ليس بظاهر ، وأفهم فرضه الكلام فيما يتوقع تمييزه عدم الحرمة بين البهائم وهو [ ص: 476 ] كذلك بالذبح لهما أو لأحدهما والمذبوح الولد أو الأم مع استغنائه عنها ويكره حينئذ وإلا حرم ، ولا يصح التصرف في حالة الحرمة بنحو البيع ، ولا يصح القول بأن بيعه لمن يغلب على الظن أنه يذبحه كذبحه ; لأنه متى باع الولد قبل استغنائه وحده أو الأم كذلك تعين البطلان فقد لا يقع الذبح حالا أو أصلا فيوجد المحذور ، وشرط الذبح عليه غير صحيح فهو أولى بالبطلان لما مر في عدم صحة بيع الولد دون أمه أو بالعكس قبل التمييز بشرط عتقه فليتأمل .