( ) عينا بالمعنى الأعم الشامل للهدية والصدقة على الراجح ، بل يوجد التصريح بذلك في بعض النسخ ، ولا يتعين الفور بل له ذلك متى شاء وإن لم يحكم به حاكم أو كان الولد فقيرا صغيرا مخالفا دينا لخبر { وللأب الرجوع في هبة ولده } واختص بذلك لانتفاء التهمة فيه ، إذ ما طبع عليه من إيثاره لولده على نفسه يقضي بأنه إنما رجع لحاجة أو مصلحة ، ويكره الرجوع من غير عذر ، فإن وجد ككون الولد عاقا ، أو يصرفه في معصية أنذره به ، فإن أصر لم يكره كما قالاه ، وبحث لا يحل لرجل أن يعطي عطية ، أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده الإسنوي ندبه في العاصي ، وكراهته في العاق إن زاد عقوقه ، وندبه إن أزاله ، وإباحته إن لم يفد شيئا .
والأذرعي عدم كراهته إن احتاج الأب لنفقة أو دين ، بل ندبه حيث كان الولد غير محتاج له ، ووجوبه في العاصي إن غلب على الظن تعينه طريقا إلى كفه عن المعصية . [ ص: 417 ] ويمتنع الرجوع كما بحثه البلقيني في صدقة واجبة كنذر وزكاة وكفارة ، وكذا في لحم الأضحية تطوع ، لأنه إنما يرجع ليستقل بالتصرف وهو ممتنع هنا ، وقد جرى على ذلك جمع ممن سبقه وتأخر عنه ، وردوا على من أفتى بجواز الرجوع في النذر بما في الروضة وغيرها ، ولا حاجة إلى زيادة قول من قيد ذلك بما إذا وجدت صيغة نذر صحيحة ، إذ النذر عند الإطلاق منصرف لذلك ، ولا نظر لكونه تمليكا محضا لأن الشرع أوجب الوفاء به على العموم من غير مخصص ، وقياس الواجب على التبرع غير سديد ، ولا رجوع في هبة بثواب بخلافها من غير ثواب وإن أثابه عليها كما قاله القاضي ، وله الرجوع في بعض الموهوب ولا يسقط بالإسقاط ، وله الرجوع فيما أقر بأنه لفرعه كما أفتى به المصنف وهو المعتمد ، ومحله كما أفاده الجلال البلقيني عن أبيه فيما إذا فسره بالهبة ، ولو صدق الثاني بيمينه ، ولو أقاما بينتين قدمت بينة الوارث لأن معها زيادة علم ، ثم محل ما تقرر إذا كان الولد حرا ، فإن كان رقيقا فالهبة لسيده كما علم مما مر ولو أبرأه من دين كان له عليه امتنع الرجوع جزما سواء أقلنا إنه تمليك أم إسقاط ، إذ لا بقاء للدين فأشبه ما لو وهبه شيئا فتلف ( وكذا لسائر الأصول ) من الجهتين وإن علوا الرجوع كالأب فيما ذكر ( على المشهور ) كما في نفقتهم وعتقهم وسقوط القود عنهم وخرج بهم الفروع والحواشي كما يأتي وأفهم كلامه اختصاص الرجوع بالواهب ، فلا يجوز ذلك لأبيه لو مات ولم يرثه فرعه الموهوب له لمانع قام به وورثه جده ، لأن الحقوق لا تورث وحدها إنما تورث بتبعية المال وهو لا يرثه ، ومقابل المشهور لا رجوع لغير الأب قصرا للولد في الخبر المار على الأب ، والأول عممه ، وعبد الولد غير المكاتب كالولد لأن الهبة لعبده هبة له ، بخلاف عبده المكاتب [ ص: 418 ] لاستقلاله ، فإن انفسخت الكتابة تبينا أن الملك للولد وهبته لمكاتب نفسه كالأجنبي . وهبه وأقبضه ومات فادعى الوارث صدوره في المرض والمتهب كونه في الصحة