( ونذر تبرر ) سمي به لطلب البر والتقرب إلى الله تعالى ( بأن يلتزم قربة ) أو صفتها المطلوبة فيها ( إن حدثت نعمة ) تقتضي سجود الشكر كما يرشد إليه تعبيرهم بالحدوث ( أو ذهبت نقمة ) تقتضي ذلك أيضا كذا نقله الإمام عن والده وطائفة من الأصحاب ، لكنه رجح قول القاضي عدم تقييدهما بذلك وهو الأوجه كما اعتمده ابن الرفعة وغيره ، وصرح به القفال فيما لو ، فإن قالته على سبيل المنع فلجاج أو الشكر لله حيث يرزقها الاستمتاع به لزمها الوفاء ا هـ . قالت لزوجها : إن جامعتني فعلي عتق عبد
والحاصل أن أن الأول فيه تعليق بمرغوب عنه والثاني بمرغوب فيه ، ومن ثم ضبط بأن يعلق بما يقصد حصوله فنحو : إن رأيت فلانا فعلي صوم يحتمل النذرين ويتخصص أحدهما بالقصد ، وكذا الفرق بين نذري اللجاج والتبرر فهو تبرر إن أرادت الشكر على تزوجه ( كإن [ ص: 221 ] شفي مريضي فلله علي أو فعلي كذا ) أو ألزمت نفسي كذا أو فكذا لازم لي أو واجب علي ونحو ذلك مما فيه التزام ، وما يصرح به كلامه من صحة إن شفى الله مريضي فلله علي ألف أو فعلي ألف ، ولم يذكر شيئا ولا نواه ليس بمراد لجزمه في الروضة بالبطلان مع ذكره صحة لله أو علي التصدق أو التصدق بشيء ويجزيه به أقل متمول ، والفرق أنه لم يعين في تلك مصرفا ولا ما يدل عليه من ذكر مسكين أو تصدق أو نحو ذلك ، فكان الإبهام فيها من سائر الوجوه بخلاف هذه لأن التصدق ينصرف للمساكين غالبا ، ويؤخذ منه صحة نذره التصدق بألف ويعين ألفا مما يريده . قول امرأة لآخر إن تزوجتني فعلي أن أبرئك من مهري وسائر حقوقي
وعلى هذا التفصيل يحمل ما وقع للأذرعي مما يوهم الصحة حتى في الأولى وابن المقري مما هو ظاهر في البطلان حتى في نذر التصدق بألف فقد غفل عن تصوير أصله صورة البطلان بما إذا لم يذكر التصدق ، والصحة بما إذا ذكر ألفا وشيئا ، فالفارق ذكر التصدق وعدمه ، ولو كرر إن شفى الله مريضي فعلي كذا تكرر ما لم يرد التأكيد ولو مع طول الفصل فيما يظهر وله فيما إذا عين أهل الذمة أو أهل البدعة إبدال كافر أو مبتدع بمسلم أو سني لا درهم بدينار ولا موسر عينه بفقير لأنهما مقصودان ، ومن ثم لو عين شيئا أو مكانا للصدقة تعين ( فيلزمه ذلك ) أي ما التزمه ( إذا حصل المعلق عليه ) لخبر { } ويلزمه ذلك فورا إذا كان لمعين وطالب به وإلا فلا ، وخرج نحو : إن شفى الله مريضي عمرت مسجد كذا أو دار زيد فيكون لغوا لأنه وعد عار عن الالتزام ، نعم إن نوى به الالتزام لم يبعد انعقاده ، ولو شك بعد الشفاء في الملتزم أهو عتق أم صوم أم صدقة أم [ ص: 222 ] صلاة اجتهد كما أفتى به من نذر أن يطيع الله فليطعه الوالد رحمه الله تعالى ، وفارق من نسي صلاة من الخمس بتيقن شغل ذمته بالكل فلا يخرج منه إلا بيقين ، بخلاف ما هنا فإن اجتهد ولم يظهر له شيء وأيس من ذلك فالأوجه وجوب الكل إذ لا يتم له الخروج من واجبه يقينا إلا بفعل الكل ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
( وإن لم يعلقه بشيء كلله علي صوم ) أو علي صوم أو صدقة لفلان أو أن أعطيه كذا ولم يرد الهبة ( لزمه ) ما التزم حالا : أي وجوبا موسعا ، ولا يشترط قبول المنذور له بل عدم رده كما يأتي ( في الأظهر ) للخبر المار وهذا من إذ هو قسمان معلق وغيره ، واشتراط الجواهر فيه التصريح بالله ضعيف ، ويسمى المعلق نذر مجازاة أيضا ، ولو نذر التبرر لزمه ذلك جزما تنزيلا للثاني منزلة المجازاة لوقوعه شكرا في مقابلة نعمة الشفاء . قال لله علي أضحية أو عند شفائه لله علي عتق لنعمة الشفاء
وقضية كلام المصنف عدم اشتراط قبول المنذور له النذر بقسميه وهو كذلك ، نعم يشترط عدم رده وهو المراد بقول الروضة عن القفال في إن شفى الله مريضي فعلي أن أتصدق على فلان بعشرة لزمته ، إلا إذا لم يقبل فمراده بعدم القبول الرد لا غير ، ومما يقع كثيرا من بعض العوام جعلت هذا للنبي صلى الله عليه وسلم ، والأقرب فيه الصحة لاشتهاره في النذر في عرفهم ويصرف ذلك لمصالح الحجرة الشريفة ، بخلاف قوله متى حصل لي كذا أجيء له بكذا فإنه لغو ما لم يقترن به لفظ التزام أو نذر ، ولا يشترط معرفة الناذر ما نذر به فيصح بخمس ما يخرج له من معشر .
قاله القاضي ، ككل ولد أو ثمرة يخرج من أمتي أو شجرتي هذه وكعتق عبد إن ملكته ، وما في فتاوى مما يخالف ذلك ، ضعفه ابن الصلاح الأذرعي .
والحاصل أنه يشترط في المال المعين لنحو عتق أو صدقة أن يملكه أو يعلقه بملكه ما لم ينو الامتناع منه فهو نذر لجاج ، وذكر القاضي أنه لا زكاة في الحب المنذور .
قال غيره : ومحله إن نذر قبل الاشتداد والأقرب صحته للجنين قياسا على الوصية له بل أولى لأنه وإن شاركها في قبول الأخطار والجهالات والتعليق وصحته بالمعلوم والمعدوم لكنه يتميز عنها بعدم اشتراط القبول فيه ومن ثم اتجهت صحته للقن كالوصية والهبة له فيأتي فيه أحكامهما ، فلا يملك السيد ما في الذمة إلا بقبض القن ، ولا يصح لميت إلا لقبر الشيخ الفلاني حيث أراد به قربة كإسراج ينتفع به أو اطرد عرف بحمل النذر له على ذلك ويبطل [ ص: 223 ] بالتأقيت إلا في المنفعة فيأتي في نذرها ما مر في الوصية بها وإلا في نذرت لك بهذا مدة حياتك فيتأبد كالعمرى ونذر قراءة قرآن أو علم مطلوب كل يوم صحيح ولا حيلة في حله ، ولا يجوز له تقديم وظيفة يوم عليه ، فإن فاتت قضى ، ولو فهل يبطل نذره لتعذر نفوذه لأنه إنما أشار إليه وهو خراب فلا يتناول خرابه مرة أخرى أو لا ، بل يوقف حتى يخرب فيعمره تصحيحا للفظ ما أمكن كل محتمل والأول أقرب ، وتصحيح اللفظ ما أمكن إنما يعدل إليه إن احتمله لفظه ، وقد تقرر أن لفظه لا يحتمل ذلك لأن الإشارة إنما وقعت للخراب حال النذر لا غير ، نعم إن نوى عمارته وإن خرب بعد لزمته . نذر عمارة هذا المسجد وكان خرابا فعمره غيره