( فصل ) في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك
وهي أعني الشهادة تطلق على نفس تحملها وعلى نفس أدائها وعلى المشهود به وهو المراد بقوله ( ) مصدر بمعنى المفعول ( فرض كفاية في النكاح ) لتوقف انعقاده عليه ، ولو امتنع الجميع أثموا ، ولو طلب [ ص: 321 ] من اثنين لم يتعينا إن وجد غيرهما بصفة الشهادة زاد تحمل الشهادة الأذرعي وظن إجابة الغير وإلا تعينا ( وكذا الإقرار والتصرف المالي ) وغيره كعتق وطلاق ورجعة وغيرها التحمل فيه فرض كفاية إلا الحدود ( وكتابة ) بالرفع عطفا على تحمل ( الصك ) في الجملة وهو الكتاب فرض كفاية أيضا ( في الأصح ) للحاجة إليه لتمهيد إثبات الحقوق عند التنازع وكتابة الصك لها أثر ظاهر في التذكر وفيها حفظ الحقوق عند الضياع . والثاني المنع لصحتها بدونه ، وقولنا في الجملة إشارة لما مر أنه لا يلزم القاضي أن يكتب للخصم ما ثبت عنده أو حكم به ويندب للشاهد تبجيل الحاكم والزيادة في ألقابه بالحق ويكره الدعاء له بنحو أطال الله بقاءك ولا يلزمه الذهاب للتجمل إلا إن كان ممن تقبل شهادته والمشهود عليه معذور بنحو حبس أو مرض أو تخدير ، أو دعا قاض إلى أمر ثبت عنده ليشهده عليه ، أو دعا الزوج أربعة إلى الشهادة بزنى زوجته بخلاف دون أربعة وبخلاف دعاء غير الزوج . قال البلقيني نقلا عن جمع : أو لم يكن ثم ممن يقبل غيره وقدم هذه في السير إجمالا ، وله طلب أجرة الكتابة وحبس الصك وأخذ أجرة التحمل وإن تعين عليه حيث كان عليه فيه كلفة مشي أو نحوه لا للأداء وإن لم يتعين عليه لأنه فرض عليه فلا يستحق عليه عوضا ولأنه كلام يسير لا أجرة لمثله ، وفارق التحمل بأن الأخذ للأداء يورث تهمة قوية مع أن زمنه يسير لا تفوت به منفعة متقومة بخلاف زمن التحمل . نعم إن دعي من مسافة عدوى فأكثر فله نفقة الطريق وأجرة الركوب وإن لم يركب وكسب عطل عنه فيأخذ قدره لا لمن يؤدي في البلد إلا إن احتاجه فله أخذه وله صرف المعطى إلى غيره ، وله أن يقول : لا أذهب معك إلى فوق مسافة العدوى إلا بكذا وإن كثر واعلم أنه قد يكون [ ص: 322 ] مشي الشاهد من بلد إلى بلد مع قدرته على الركوب خرما للمروءة والمتجه امتناعه فيمن هذا شأنه ، قاله الإسنوي : قال الأذرعي : بل لا يتقيد ذلك بالبلدين فقد يأتي في البلد الواحد ويعد ذلك خرما للمروءة إلا أن تدعو الحاجة إليه أو يفعله تواضعا ( لزمهما الأداء ) لقوله تعالى { ( وإذا لم يكن في القضية إلا اثنان ) كأن لم يتحمل غيرهما أو مات الباقون أو جنوا أو فسقوا أو غابوا ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } أي للأداء وقيل له وللتحمل وقوله { ومن يكتمها فإنه آثم قلبه } ومتى وجب الأداء كان فوريا ، نعم له التأخير لفراغ حمام وأكل ونحوهما ويؤخذ منه أن أعذار الشفعة أعذار هنا ( فلو ) ( عصى ) وإن كان الحاكم يرى الحكم بشاهد ويمين لأن مقاصد الإشهاد التورع عن الحلف ، وكذا لو امتنع شاهدا نحو وديعة وقالا احلف على الرد ( وإن ) ( أدى واحد وامتنع الآخر ) بلا عذر ( وقال ) للمدعي ( احلف معه ) ( فالأداء فرض كفاية ) عليهم لحصول الغرض ببعضهم ، فإن شهد منهم اثنان فذاك ، وإلا أثموا كلهم سواء ادعاهم مجتمعين أم متفرقين ، والممتنع أولا أكثرهم إثما لأنه متبوع ، كما أن المجيب أولا أكثرهم أجرا لذلك ( فلو ) ( كان ) في الواقعة ( شهود ) ( لزمهما ) وكذلك لو طلب من واحد منهم ليحلف معه ( في الأصح ) لئلا يفضي إلى التواكل . والثاني لا كالمتحمل ، وفرق الأول بأنه هناك طلبها لتحمل أمانة وهنا لأدائها ومحل الخلاف ما إذا علم المدعون أن في الشهود من يرغب في الأداء أو لم يعلم من حالهم شيء ، أما إذا علم إباؤهم لزمهما قطعا ( وإن لم يكن ) في القضية ( إلا واحد لزمه ) الأداء إذا دعي له ( إن كان فيما يثبت بشاهد ويمين ) والقاضي المدعو للأداء عنده يعتقد ذلك ( وإلا فلا ) لعدم حصول المقصود به ( وقيل لا يلزم الأداء إلا من تحمل قصدا لا اتفاقا ) لأنه لم يوجد منه التزام ، ورد بأنها أمانة حصلت عنده فلزمه أداؤها وإن لم يلتزمها كما لو طيرت الريح ثوبا في داره ، ويتجه إلحاق النساء فيما يقبل شهادتهن فيه بالرجال في ذلك وإن كان معهن في القضية رجال . والأوجه عدم تكليف المخدرة الخروج بل يرسل إليها من يشهد عليها ، ولو ( طلب ) الأداء ( من اثنين ) بأعيانهما قدم أخوفهما فوتا وإلا تخير دعي لشهادتين في وقت واحد