[ ص: 6 ] قوله { فإن ملك السيد عبده مالا وقلنا : إنه يملكه فلا زكاة فيه    } . يعني على واحد منهما ، وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب قال ابن تميم  ، وابن رجب  في قواعده ، وصاحب الحواشي ، والقواعد الأصولية : قاله أكثر الأصحاب ، قلت    : منهم أبو بكر  ،  والقاضي  ، والزركشي    . 
وهو المذهب المعروف المقطوع به ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع ، والمحرر ، وابن تميم  ، ومجمع البحرين ، والفائق ، وغيرهم  وعنه  يزكيه العبد ، ذكرها في الإيضاح وغيره ، وقاله ابن حامد  ، واختاره في الفائق . 
 وعنه  يزكيه العبد بإذن سيده ، قال ابن تميم    : والمنصوص عن  أحمد    : يزكي العبد ماله بإذن سيده ،  وعنه  التوقف ، وقال في الفروع تبعا لابن تميم  وغيره : ويحتمل أن يزكيه السيد ، قال في القواعد الفقهية ، وعن ابن حامد    : أنه ذكر احتمالا بوجوب زكاته على السيد ، على كلا الروايتين فيما إذا ملك السيد عبده سواء قلنا يملكه أو لا لأنه إما ملك له ، أو في حكم ملكه ; لتمكنه من التصرف فيه . كسائر أمواله ، قلت    : وهو مذهب حسن ، فإن قلنا : لا يملكه فزكاته على سيده بلا نزاع . 
تنبيه : أفادنا  المصنف  رحمه الله أن العبد إذا ملكه سيده مالا : أن في ملكه خلافا ; لقوله " وقلنا إنه يملكه " ، واعلم أن الصحيح من المذهب والروايتين : أنه لا يملك بالتمليك ، وعليه أكثر الأصحاب ، منهم  الخرقي  ، وأبو بكر  ،  والقاضي  ، قاله ابن رجب  في قواعده وقواعد ابن اللحام  ، وقال : هذه الرواية أشهر عند الأصحاب . قال في التلخيص في باب  [ ص: 7 ] الديون المتعلقة بالرقيق والذي عليه الفتوى : أنه لا يملك ، قال في الفروع في آخر باب الحجر اختار الأصحاب : أنه لا يملك ، والرواية الثانية : يملك بالتمليك . اختاره أبو بكر  ، قاله في الفروع ، وابن شاقلا  ، وصححها  ابن عقيل  ،  والمصنف  في المغني ، قال في القواعد الأصولية : وهي أظهر ، قال في الفائق ، والحاوي الصغير : ويملك بتمليك سيده وغيره ، في أصح الروايتين ، قال في الرعايتين : لو ملك ملكه في الأقيس ، وأطلقهما في الفروع ، والتلخيص ، ومجمع البحرين ، والحاوي الكبير . 
فائدة : لهذا الخلاف فوائد عديدة . أكثرها متفرقة في الكتاب ، ومنها : ما تقدم ، وهو ما إذا ملكه سيده مالا ، ومنها : إذا ملكه سيده عبدا وأهل عليه هلال الفطر ، فإن قلنا : لا يملكه ، ففطرته على السيد ، وإن قلنا : يملكه ، لم يجب على واحد منهما ، على الصحيح من المذهب ، واختاره  القاضي  ،  وابن عقيل  ، وغيرهما اعتبارا بزكاة المال ، وقال في الفروع : فلا فطرة إذن في الأصح ، وقيل : تجب فطرته على السيد ، صححه  المصنف  ، والشارح  ، قلت    : وهو الصواب ، وأطلقهما في القواعد الفقهية ، ويؤدي السيد عن عبد عبده ; إذ لا يملك بالتمليك ، وإن ملك فلا فطرة له ; لعدم ملك السيد ونقص ملك العبد ، وقيل : يلزم السيد الحر كنفقته ، وهو ظاهر  الخرقي  ، واختاره  المصنف    [ والشارح    ] ، ومنها : تكفيره بالمال في الحج ، والأيمان ، والظهار ، ونحوها ، وفيه للأصحاب طرق ، ذكرها ابن رجب  في فوائده ، وذكرتها في آخر كتاب الأيمان .  [ ص: 8 ] ومنها : إذا باع عبدا ، وله مال . وللأصحاب أيضا : فيها طرق ، ذكرتها في آخر باب بيع الأصول والثمار في كلام  المصنف  ، ومنها : إذا أذن لعبده الذمي أن يشتري له بماله عبدا مسلما  ، فاشتراه ، فإن قلنا : يملك بالتمليك ، لم يصح شراؤه له ، وإن قلنا : لا يملك ، صح ، وكان مملوكا للسيد ، قال  المجد    : هذا قياس المذهب عندي ، قال ابن رجب  ، قلت    : ويتخرج فيه وجه : لا يصح على القولين بناء على أحد الوجهين : أنه لا يصح شراء الذمي لمسلم بالوكالة    . انتهى . 
قلت    : ويتخرج الصحيح على القولين ، بناء على أحد الوجهين : أنه لا يصح شراء الذمي لمسلم بالوكالة ، ومنها : عكس هذه المسألة لو أذن الكافر لعبده المسلم الذي يثبت ملكه عليه أن يشتري بماله رقيقا مسلما    . فإن قلنا : يملك ، صح ، وكان العبد له ، وإن قلنا : لا يملك ، لم يصح ، ومنها : تسري العبد ، وفيه طريقان : أحدهما : بناؤه على الخلاف في ملكه . فإن قلنا : يملك ، جاز تسريه ، وإلا فلا ; لأن الوطء بغير نكاح ولا ملك يمين : محرم ، بنص الكتاب والسنة ، وهي طريقة  القاضي  ، والأصحاب بعده ، قاله ابن رجب  ، وقدمه في الفروع ، والثاني : يجوز تسريه على كلا الروايتين . 
وهي طريقة  الخرقي  ، وأبي بكر  ، وابن أبي موسى  ، وأبي إسحاق بن شاقلا  ، ذكره عنه في الواضح ، ورجحها  المصنف  في المغني ، قال ابن رجب    : وهي أصح ، وحررها في فوائده ، وتأتي هذه الفائدة في كلام  المصنف  في آخر باب نفقة الأقارب والمماليك ، في قوله " وللعبد أن يتسرى بإذن سيده " بأتم من هذا ، ومنها : لو باع السيد عبده نفسه بمال في يده ، فهل يعتق  ؟ والمنصوص : أنه  [ ص: 9 ] يعتق بذلك ، وذكره  القاضي  مع قوله " إن العبد لا يملك " وقول  القاضي  على القول بالملك ، ومنها : إذا أعتقه سيده وله مال ، فهل يستقر ملكه للعبد أم يكون للسيد  ؟ على روايتين ، فمن الأصحاب من بناها على القول بالملك وعدمه ، فإن قلنا : يملكه استقر ملكه عليه بالعتق ، وإلا فلا ، وهي طريقة أبي بكر  ،  والقاضي  في خلافه ،  والمجد  ، ومنهم : من جعل الروايتين على القول بالملك . ومنها : لو اشترى العبد زوجته الأمة بماله  ، فإن قلنا : يملك ، انفسخ نكاحه ، وإن قلنا : لا يملك ، لم ينفسخ ، ومنها : لو ملكه سيده أمة فاستولدها  ، فإن قلنا : لا يملك ، فالولد ملك السيد ، وإن قلنا : يملك ، فالولد مملوك العبد ، لكنه لا يعتق عليه ، حتى يعتق فإذا أعتق ولم ينزعه منه قبل عتقه عتق عليه لتمام ملكه حينئذ . ذكره  القاضي  في المجرد . 
ومنها : هل ينفذ تصرف السيد في مال العبد دون استرجاعه ؟ فإن قلنا : لا يملك ، صح بغير إشكال ، وإن قلنا : يملك ، فظاهر كلام الإمام  أحمد    : أنه ينفذ عتق السيد رقيق عبده  ، قال  القاضي    : فيحتمل أن يكون رجع فيه قبل عتقه ، قال : وإن حمل على ظاهره ، فلأن عتقه يتضمن الرجوع في التمليك ، ومنها : لو وقف عليه . فنص  أحمد    : أنه لا يصح ، فقيل : ذلك يتفرع على القول بأنه لا يملك ، فأما إن قيل : إنه يملك ، فيصح الوقف عليه كالمكاتب في أظهر الوجهين ، والأكثرون على أنه لا يصح الوقف عليه ، على الروايتين لضعف ملكه [ ويأتي في كلام  المصنف  في أول الوقف ] . 
ومنها : وصية السيد لعبده بشيء من ماله  ، فإن كان بجزء مشاع منه : صح وعتق من العبد بنسبة ذلك الجزء ، لدخوله في عموم المال ، ويكمل عتقه من بقية  [ ص: 10 ] الوصية ، نص عليه ، وفي تعليله ثلاثة أوجه . 
ذكرها ابن رجب  في فوائد قواعده ،  وعنه    : لا تصح الوصية لمعين ، ومنها : ذكر  ابن عقيل    : وإن كانت الوصية بجزء معين ، أو مقدر ، ففي صحة الوصية روايتان ، أشهرهما : عدم الصحة . فمن الأصحاب : من بناهما على أن العبد هل يتملك أم لا ؟ وهما طريقة ابن أبي موسى  ، والشيرازي  ،  وابن عقيل  ، وغيرهم ، وأشار إليه الإمام  أحمد  في رواية صالح  ومنهم من حمل الصحة على أن للوصية لقدر [ من ] العين ، أو لقدر من التركة لا بعينه ، فيعود إلى الحق المشاع . 
قال ابن رجب    : وهو بعيد جدا ، ويأتي ذلك في كلام  المصنف  ، في باب الموصى له بأتم من هذا ، ومنها : لو غزا العبد على فرس ملكه إياه سيده  ، فإن قلنا : يملكها العبد لم يسهم لها ; لأنها تبع لمالكها ، فيرضخ لها ، كما يرضخ له . وإن قلنا : لا يملكها أسهم لها ; لأنها لسيده ، قال ابن رجب  ، قال الأصحاب : والمنصوص عن الإمام  أحمد    : أنه يسهم لفرس العبد . وتوقف مرة أخرى ، ولا يسهم لها متحدا ، وموضع هذه الفوائد في كلام الأصحاب ، في آخر باب الحجر في أحكام العبد . 
تنبيه : هل الخلاف في ملك العبد بالتمليك مختص بتمليك سيده أم لا ؟ فاختار في التلخيص : أنه مختص به ، فلا يملك به من غير جهته ، وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، وقال في التلخيص : وأصحابنا لم يقيدوا الروايتين بتمليك السيد ، بل ذكروهما مطلقا في ملك العبد إذا ملك ، قلت    : جزم به في الحاويين ، والفائق ، قال في القواعد : وكلام الأكثرين ، يدل على خلاف ما اختاره صاحب التلخيص .  [ ص: 11 ] 
فإذا علمت ذلك : فيتفرع على هذا الخلاف مسائل : منها : اللقطة بعد الحول  ، قال طائفة من الأصحاب : تنبني على روايتي الملك وعدمه ، جعلا لتمليك الشارع كتمليك السيد ، منهم : صاحب المستوعب ، وظاهر كلام ابن أبي موسى    : أنه يملك اللقطة ، وإن لم تملك بتمليك سيده ، وعند صاحب التلخيص : لا يملكها بغير خلاف ، كذلك في الهداية ، والمغني ، والكافي ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والمذهب ، والخلاصة والفائق ، وغيرهم : أنها ملك لسيده بمضي الحول ، ومنها : حيازة المباحات : من احتطاب ، أو احتشاش ، أو اصطياد ، أو معدن أو غير ذلك ، فمن الأصحاب من قال : هو ملك لسيده دونه رواية واحدة ،  كالقاضي  ،  وابن عقيل  لكن لو أذن له السيد في ذلك فهو كتمليكه إياه ، ذكره  القاضي  وغيره ، وخرج طائفة المسألة على الخلاف في ملك العبد وعدمه ، منهم  المجد    . 
وقاسه على اللقطة ، وهو ظاهر كلام  ابن عقيل  في موضع آخر ، ومنها : لو أوصى للعبد ، أو وهب له ، وقبله بإذن سيده ، أو بدونه إذا أجزنا له ذلك على المنصوص فالمال للسيد ، نص عليه في رواية  حنبل  ، وذكره  القاضي  وغيره ، وبناه  ابن عقيل  وغيره على الخلاف في ملك السيد ، ويأتي أيضا هذا في كلام  المصنف  في باب الموصى له ، ومنها : لو خلع العبد زوجته بعوض  فهو للسيد ، ذكره  الخرقي    . وظاهر كلام  ابن عقيل    : بناؤه على الخلاف في ملك العبد ، قال ابن رجب    : ويعضده أن العبد هنا يملك البضع فملك عوضه بالخلع لأن من ملك شيئا ملك عوضه ، فأما مهر الأمة : فهو للسيد ، ذكر ذلك كله ابن رجب  في الفائدة السابعة من قواعده بأبسط من هذا . 
فائدة : تجب الزكاة على المعتق بعضه بقدر ما يملكه ، على ما تقدم . 
				
						
						
