قوله { ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب    } هذا المذهب ، إلا ما استثنى ، وعليه أكثر الأصحاب ،  وعنه  لا يمنع الدين الزكاة مطلقا ،  وعنه  يمنع الدين الحال خاصة ، جزم به في الإرشاد ، وغيره .  [ ص: 25 ] قوله ( إلا في الحبوب والمواشي ) ، في إحدى الروايتين ، وقدمه في الفائق ، والرواية الثانية : يمنع أيضا ، وهي المذهب ، نص عليه ، وعليه جماهير الأصحاب ، قال الزركشي    : هذا اختيار أكثر الأصحاب ، قال ابن أبي موسى    : هذا الصحيح من مذهب  أحمد  ، قلت    : اختاره أبو بكر  ،  والقاضي  ، وأصحابه ، والحلواني  ، وابن الجوزي  ، وصاحب الفائق ، وغيرهم ، وجزم به في العمدة ، وقدمه في المستوعب ، والفروع ، وصححه في تصحيح المحرر .
وأطلقهما في الشرح ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ،  وعنه  يمنع ما استدانه للنفقة على ذلك ، أو كان ثمنه ، ولا يمنع ما استدانه لمؤنة نفسه ، أو أهله ، قال الزركشي    : فعلى رواية عدم المنع : ما لزمه من مؤنة الزرع من أجرة حصاد ، وكراء أرض ونحوه يمنع ، نص عليه ، وذكره ابن أبي موسى  ، وقال : رواية واحدة ، وتبعه صاحب التلخيص ، وحكى أبو البركات  رواية : أن الدين لا يمنع في الظاهر مطلقا ، قال الشيخ تقي الدين    : لم أجد بها نصا عن  أحمد    . انتهى .  وعنه  يمنع خلا الماشية ، وهو ظاهر كلام  الخرقي    . 
فوائد : الأولى : في الأموال : ظاهرة ، وباطنة ، فالظاهرة : ما ذكره  المصنف  من الحبوب والمواشي ، وكذا الثمار ، والباطنة : كالأثمان ، وقيمة عروض التجارة ، على الصحيح من المذهب ، وعليه الأكثر ، وقال أبو الفرج الشيرازي    : الأموال الباطنة : هي الذهب والفضة فقط . انتهى . وهل المعدن من الأموال الظاهرة ، أو الباطنة ؟ فيه وجهان ، وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم  ، والرعايتين ، والحاويين . أحدهما : هو من الأموال الظاهرة ، وهو ظاهر كلام الشيرازي  على ما تقدم .  [ ص: 26 ] 
الثاني : هو من الأموال الباطنية قلت    : وهو الصواب ; لأنه أشبه بالأثمان ، وقيمة عروض التجارة ، قال في المغني : الأموال الظاهرة : السائمة والحبوب ، والثمار ، قال في الفائق والمنع في المعدن ، وقيل : لا . 
الثانية : لا يمنع الدين خمس الزكاة بلا نزاع . الثالثة : لو تعلق بعبد تجارة أرش جناية : منع الزكاة في قيمته  ، لأنه وجب جبرا لا مواساة ، بخلاف الزكاة ، وجعله بعضهم كالدين ، منهم صاحب الفروع في حواشيه . 
الرابعة : لو كان له عرض قنية يباع لو أفلس بقي بما عليه من الدين جعل في مقابلة ما عليه من الدين ، وزكى ما معه من المال ، على إحدى الروايتين ، قال  القاضي    : هذا قياس المذهب ، ونصره  أبو المعالي  ، اعتبارا بما فيه الحظ للمساكين ،  وعنه  يفعل في مقابلة ما معه ولا يزكيه ، صححه  ابن عقيل  ، وقدمه ابن تميم  ، وصاحب الحواشي ، والرعايتين ، والحاويين ، وأطلقهما في الفروع ، وشرح  المجد  ، والفائق ، وينبني على هذا الخلاف : ما إذا كان بيده ألف ، وله ألف دينار على مليء ، وعليه مثلها ، فإنه يزكي ما معه على الأولى لا الثانية  ، قاله في الفروع ، وقدمه في الفائق ، والرعايتين ، والحاويين هنا جعل الدين مقابلا لما في يده ، وقالوا : نص عليه ، ثم قالوا : أو قيل مقابلا للدين . الخامسة : لو كان له عرض تجارة بقدر الدين الذي عليه ، ومعه عين بقدر الدين الذي عليه ، فالصحيح من المذهب : أنه يجعل الدين في مقابلة العرض ، ويزكي ما معه من العين ، نص عليه في رواية المروذي  ، وأبي الحارث  ، وقدمه في الفروع ، والحواشي ، وابن تميم    .  [ ص: 27 ] وقيل : إن كان فيما معه من المال الزكوي جنس الذي جعل في مقابلته ، وحكاه  ابن الزاغوني  رواية ، وتابعه في الرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم ، وإلا اعتبر الأحظ . 
وأطلقهما في الرعايتين ، والحاويين ، وقيل : يعتبر الأحظ للفقراء مطلقا ، فمن له مائتا درهم وعشرة دنانير ، قيمتها مائتا درهم جعل الدنانير قبالة دينه ، وزكى ما معه ، ومن له أربعون شاة وعشرة أبعرة ، ودينه قيمة أحدهما : جعل قبالة دينه الغنم وزكى شاتين . السادسة : دين المضمون عنه ، يمنع الزكاة بقدره في ماله ، دون الضامن  على الصحيح من المذهب ، خلافا  لأبي المعالي    . 
السابعة : لا تجب الزكاة في المال الذي حجر عليه   القاضي  للغرماء كالمال المغصوب تشبيها للمنع الشرعي بالمنع الحسي هذا الصحيح من المذهب ، اختاره  المصنف  ، والشارح  ،  والقاضي  ، وقدمه في الرعايتين ، وقال الأزجي  في النهاية : هذا بعيد ، بل إلحاقه بمال الديون أقرب ، اختاره  أبو المعالي  ، وظاهر الفروع : إطلاق الخلاف ، وقيل : إن كان المال سائمة زكاها ، لحصول النماء والنتاج من غير تصرف ، بخلاف غيرها ، وقال  أبو المعالي    : إن قضى الحاكم ديونه من ماله ، ولم يفضل شيء من ماله ، فهو الذي ملك نصابا وعليه دين ، قال : وإن سمى لكل غريم بعض أعيان ماله ، فلا زكاة عليه ، مع بقاء ملكه ، لضعفه بتسليط الحاكم لغريمه على أخذ حقه . انتهى . وإن حجر عليه بعد وجوبها ، لم تسقط الزكاة على الصحيح من المذهب ، وقيل : تسقط إن كان قبل تمكنه من الإخراج ، قال في الحواشي ، وابن تميم    : وهو بعيد ، ولا يملك إخراجها من المال لانقطاع تصرفه ، قاله  المصنف  ، والشارح  ، وقال ابن تميم    : والأولى : أن يملك ذلك كالراهن ، وهما وجهان . وأطلقهما في الفروع ، فإنه قال : لا يقبل إقراره بها ، وجزم به بعضهم ، ولا يقبل إقرار المحجور عليه بالزكاة  ، وتتعلق بذمته كدين الآدمي ، ذكره  [ ص: 28 ]  المصنف  ، والشارح  ،  وأبو المعالي  ، وهو ظاهر ما قدمه في الفروع ،  وعنه  يقبل كما لو صدقه الغريم ، ويأتي زكاة المرهون في فوائد الخلاف الآتي آخر الباب . 
				
						
						
