قوله ( ، وهو أن يملك زادا وراحلة ) . هذا المذهب من حيث الجملة ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، ونص عليه ، واعتبر الخامس : الاستطاعة ابن الجوزي في كشف المشكل الزاد والراحلة في حق من يحتاجهما ، فأما من أمكنه المشي والتكسب بالصنعة : فعليه الحج ، واختاره الشيخ عبد الحليم ولد المجد ووالد الشيخ تقي الدين في القدرة بالتكسب . وقال : هذا ظاهر على أصلنا ، فإن عندنا يجبر المفلس على الكسب ، ولا يجبر على المسألة قال : ولو قيل بوجوب الحج عليه إذا كان قادرا على الكسب ، وإن بعدت المسافة : كان متوجها على أصلنا ، وقال : ما قاله في كشف المشكل ، وزاد فقال : تعتبر القدرة على تحصيله بصنعة أو مسألة إذا كانت عادته . انتهى . وقيل : من قدر أن يمشي من القاضي مكة مسافة القصر : لزمه الحج والعمرة ; لأنه مستطيع ، فيدخل في الآية . ذكره في الرعاية ، فعلى المذهب : يستحب الحج لمن أمكنه المشي والتكسب بالصنعة ، ويكره لمن له حرفة المسألة . قال : لا أحب له ذلك ، واختلف الأصحاب في قول أحمد " لا أحب كذا " هل هو للتحريم أو الكراهة ؟ على وجهين . على ما يأتي في آخر الكتاب . وعلى المذهب في أصل المسألة : يشترط الزاد ، سواء قربت المسافة أو بعدت . قال في الفروع : والمراد إن احتاج إليه . ولهذا قال أحمد في الفنون : الحج [ ص: 402 ] بدني محض ، ولا يجوز دعوى أن المال شرط في وجوبه ; لأن الشرط لا يحصل المشروط بدونه ، وهو المصحح للمشروط ، ومعلوم أن المكي يلزمه ، ولا مال له . انتهى . ويشترط ملك الزاد ، فإن لم يكن في المنازل لزمه حمله . وإن وجده في المنازل لم يلزمه حمله إن كان بثمن مثله ، وإن وجده بزيادة : ففيه طريقان . ابن عقيل
أحدهما : حكمه حكم . على ما تقدم في باب التيمم ، وهذا هو الصحيح من المذهب ، قدمه في المغني ، والشرح ، وشرح شراء الماء للوضوء إذا عدم ، والفروع ، والثاني : يلزمه هنا بذل الزيادة التي لا تجحف بماله وإن منعناه في شراء الماء للوضوء وهي طريقة المجد ، وتبعه صاحب المستوعب ، أبي الخطاب في الكافي ، والرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم ، وفرقوا بين التيمم وبين هذا بأن الماء يتكرر عدمه ، والحج التزم فيه المشاق . فكذا الزيادة في ثمنه إن كانت لا تجحف بماله . لئلا يفوت . نقله والمصنف في شرحه ، ويشترط أيضا : القدرة على وعاء الزاد ; لأنه لا بد منه . وأما الراحلة : فيشترط القدرة عليها مع البعد ، وقدره مسافة القصر فقط ، إلا مع العجز ، كالشيخ الكبير ونحوه ; لأنه لا يمكنه ، وقال في الكافي : وإن عجز عن المشي ، وأمكنه الحبو لم يلزمه . قال في الفروع : وهو مراد غيره . قوله في الراحلة ( صالحة لمثله ) . يعني : في العادة ; لاختلاف أحوال الناس ; لأن اعتبار الراحلة للقادر على المشي ; لدفع المشقة . قاله المجد وجماعة من الأصحاب ، ولم يذكره بعضهم ; لظاهر النص ، واعتبر في المستوعب إمكان الركوب مع أنه قال " راحلة تصلح لمثله " تنبيه : ظاهر كلام المصنف في قوله عن الراحلة " تصلح لمثله " أنه لا يعتبر ذلك في الزاد . وهو صحيح . قال في الفروع : وظاهر كلامهم في الزاد يلزمه ; لظاهر [ ص: 403 ] النص ; لئلا يفضي إلى ترك الحج ، بخلاف الراحلة . قال : ويتوجه احتمال أنه كالراحلة . انتهى . المصنف قلت : قطع بذلك في الوجيز ، فقال " ووجد زادا ومركوبا صالحين لمثله " وقال في الفروع : والمراد بالزاد : أن لا يحصل معه ضرر لرداءته .
فائدة : إذا لم يقدر على خدمة نفسه ، والقيام بأمره : اعتبر من يخدمه ; لأنه من سبيله . قاله ، وقال في الفروع ، وظاهره : عادة مثله في الزاد ، ويلزمه لو أمكنه لزمه ، عملا بظاهر النص ، وكلام غيره يقتضي : أنه كالراحلة لعدم الفرق . قوله ( فاضلا عن مؤنته ومؤنة عياله على الدوام ) . المصنف
اعلم أنه يعتبر كفايته وكفاية عياله إلى أن يعود ، بلا خلاف ، والصحيح من المذهب : أنه يعتبر أن يكون له إذا رجع ما يقوم بكفايته وكفاية عياله على الدوام ، من عقار أو بضاعة أو صناعة . وعليه أكثر الأصحاب . وهو ظاهر ما جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والعمدة ، والتلخيص ، والبلغة ، وشرح ، ومحرره ، والإفادات ، والنظم ، والحاويين ، وإدراك الغاية ، والمنور ، وغيرهم ; لاقتصارهم عليه ، وقدمه في الفروع ، وتجريد العناية ، وقال في الروضة ، والكافي : يعتبر كفاية عياله إلى أن يعود فقط ، قدمه في الرعايتين ، والفائق . نقل المجد أبو طالب : يجب عليه الحج إذا كان معه نفقة تبلغه مكة ويرجع ويخلف نفقة لأهله حتى يرجع .
تنبيه : ظاهر قوله ( فاضلا عن قضاء دينه ) أنه سواء كان حالا أو مؤجلا ، وسواء كان لآدمي أو لله ، وهو صحيح ، وهو المذهب . وعليه الأصحاب ، وقال في المذهب ، ومسبوك الذهب : وأن لا يكون عليه دين حال يطالب به ، بحيث لو قضاه لم يقدر على كمال الزاد والراحلة . انتهى . [ ص: 404 ] فظاهره : أنه لو كان مؤجلا ، أو كان حالا ، ولكن لا يطالب به : أنه يجب عليه ، ولم يذكره الأكثر ، بل ظاهر كلامهم : عدم الوجوب .