قوله ( ثم يحلق ، أو يقصر من جميع شعره    ) إن حلق رأسه استحب له : أن يبدأ بشق رأسه الأيمن ثم بالأيسر  اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستحب أن يستقبل القبلة  وذكر جماعة : ويدعو وقت الحلق  وقال  المصنف  وتبعه الشارح  وغيره يكبر وقت الحلق لأنه نسك فائدة : 
الأولى : أن لا يشارط الحلاق على أجرته  لأنه نسك قاله أبو حكيم  واقتصر عليه في الفروع قال أبو حكيم    : ثم يصلي ركعتين وأما إن قصر : فيكون من جميع رأسه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الشيخ تقي الدين    : لا من كل شعرة قلت    : هذا لا يعدل عنه ولا يسمع الناس غيره وتقصير كل شعرة بحيث لا يبقى ولا شعرة مشق جدا قال الزركشي    : لا يجب التقصير من كل شعرة لأن ذلك لا يعلم إلا بحلقه  وعنه  يجزئ حلق بعضه وكذا تقصيره وظاهر كلامه في الفروع : أن محل الخلاف في التقصير فقط فعلى هذه الرواية : يجزئ تقصير ما نزل عن رأسه لأنه من شعره بخلاف المسح لأنه ليس رأسا ، ذكره في الخلاف في الفصول تنبيه : 
شمل كلام  المصنف  الشعر المضفور والمعقوص والملبد وغيرها وهو صحيح وهو المذهب ونقل ابن منصور  في الملبد والمضفور والمعقوص ليحلق  [ ص: 39 ] قال  القاضي  في الخلاف وغيره : لأنه لا يمكنه التقصير منه كله قلت    : حيث امتنع التقصير منه كله على القول به تعين الحلق ولهذا قال في الفائق : ولو كان ملبدا تعين الحلق في المنصوص وقال الشيخ يعني به  المصنف  لا يتعين واختاره الشارح  ، وقال  الخرقي  في العبد يقصر ، قال جماعة من شراحه : يريد أنه لا يحلق إلا بإذن سيده لأنه يزيد في قيمته منهم الزركشي  قال في الوجيز : ويقصر العبد قدر أنملة ولا يحلق إلا بإذن سيده    . 
قوله ( والمرأة تقصر من شعرها قدر الأنملة    ) يعني فأقل وهذا المذهب وقال ابن الزاغوني  في منسكه : يجب تقصير قدر الأنملة قال جماعة من الأصحاب : المسنة لها أنملة ويجوز أقل منها فائدتان .
إحداهما : يستحب له أيضا أخذ أظفاره وشاربه  ، وقال  ابن عقيل  وغيره : ولحيته . 
الثانية : لو عدم الشعر استحب له إمرار الموسى قاله الأصحاب وقاله أبو حكيم  في ختانه قلت    : وفي النفس من ذلك شيء وهو قريب من العبث وقال  القاضي    : يأخذ من شاربه عن حلق رأسه ذكره في الفائق . 
قوله ( ثم حل له كل شيء إلا النساء  ، ) هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في رواية جماعة وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال في المستوعب : اختاره أكثر الأصحاب قال  القاضي  ، وابنه ، وابن الزاغوني  ،  والمصنف  ، والشارح  ، وجماعة : إلا النساء ، وعقد النكاح قال ابن نصر الله  في حواشيه : وهو الصحيح  [ ص: 40 ] فظاهر كلام  أبي الخطاب  وابن شهاب وابن الجوزي    : حل العقد وقاله الشيخ تقي الدين  وذكره عن  أحمد   وعنه  إلا الوطء في الفرج . 
قوله ( والحلاق والتقصير نسك    ) هذا الصحيح من المذهب فيلزمه في تركه دم قال  المصنف  والشارح    : هما نسك في الحج والعمرة في ظاهر المذهب قال في الكافي : هذا أصح قال الزركشي    : هذا المشهور والمختار للأصحاب من الروايتين وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره  وعنه    : أنه إطلاق من محظور ، لا شيء في تركه ويحصل التحلل بالرمي وحده قدمه  ابن رزين  في شرحه وأطلقهما في المذهب ، والحاويين ونقل مهنا  في معتمر ترك الحلاق والتقصير ، ثم أحرم بعمرة : الدم كثير ، عليه أقل من دم فعلى المذهب : فعل أحدهما واجب وعلى الثاني : غير واجب . 
قوله ( إن أخره عن أيام منى  ، فهل يلزمه دم ؟  على روايتين ) يعني إذا قلنا : إنهما نسك وأطلقهما في الهداية والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والكافي ، والشرح ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق . 
أحدهما : لا دم عليه وهو المذهب صححه في التصحيح واختاره ابن عبدوس  في تذكرته وجزم به في المحرر ، والوجيز ، والمنور قال  ابن منجا  في شرحه : وهو أولى . 
الوجه الثاني : عليه دم بالتأخير تنبيه : 
قوله " وإن أخره عن أيام منى    " الصحيح : أن محل الروايتين إذا أخرجه عن أيام منى  ، كما قال  المصنف  هنا وقدمه في الفروع وجزم به في الهداية ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة وقال  المصنف  ، والشارح    : إن أخره  [ ص: 41 ] عن أيام النحر ، فمحل الروايتين عندهما : إن أخره عن اليوم الثاني من أيام منى  وجزم به في الكافي 
تنبيه : 
قوله بعد الرواية ( ويحصل التحلل بالرمي وحده    ) يحتمل أن يكون من تتمة الرواية فيحصل التحلل بالرمي وحده على قولنا " الحلاق إطلاق من محظور " لا على قولنا " هو نسك " ويؤيده : قوله قبل " ثم قد حل له كل شيء إلا النساء " لأن ظاهره : أن التحلل إنما يحصل بالرمي والحلق معا لأنه ذكر التحلل بلفظ " ثم " بعد ذكر الحلق والرمي ويحتمل أنه كلام مستقل بنفسه ، وأن التحلل يحصل بالرمي وحده وهو رواية عن  أحمد  واعلم أن التحلل الأول يحصل بالرمي وحده ، أو يحصلها اثنين من ثلاثة وهي : الرمي ، والحلق والطواف ؟ فيه روايتان عن  أحمد  إحداهما لا يحصل إلا بفعل اثنين من الثلاثة المذكورة ويحصل التحلل الثاني بالثالث وهو الصحيح من المذهب قال في الفروع : اختاره الأكثر قال في الكافي : اختاره أصحابنا وهو موافق للاحتمال الأول وهو ظاهر ما جزم به في المحرر ، والخلاصة ، والوجيز ، وغيرهم وقدمه في الهداية ، والرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم . 
والرواية الثانية : يحصل التحلل بواحد من رمي وطواف  ويحصل التحلل الثاني بالباقي وأطلقهما في الفروع ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والشرح ، وشرح  ابن منجا  وغيرهم . 
فعلى الرواية الثانية : الحلق إطلاق من محظور على الصحيح وقال  القاضي  في التعليق : بل نسك ، كالمبيت بمزدلفة  ، والرمي في اليوم الثاني والثالث واختار  المصنف    : أن الحلق نسك ويحل قبله  [ ص: 42 ] قال  ابن منجا    : فيه نظر وذكر جماعة على القول بأنه نسك : في جواز حله قبله روايتان وفي منسك ابن الزاغوني    : وإن كان ساق هديا واجبا : لم يحل هذا التحلل إلا بعد الرمي والحلق والنحر والطواف فيحل من الكل وهو التحلل الثاني . 
قوله ( وإن قدم الحلق على الرمي ، أو النحر ، جاهلا أو ناسيا    : فلا شيء عليه ) كذا لو طاف للزيارة أو نحر قبل رميه ( وإن كان عالما ، فهل عليه دم ؟  على روايتين ) وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والكافي والهادي ، والمغني ، والشرح ، والتلخيص ، والنظم ، والفائق وغيرهم . 
إحداهما : لا دم عليه ولكن يكره فعل ذلك وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر ، والوجيز ، وغيرهما وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاويين وغيرهم وصححه في التصحيح وغيره واختاره ابن عبدوس  في تذكرته وغيره . 
والرواية الثانية : عليه دم نقلها أبو طالب  وغيره وأطلق  ابن عقيل  هذه الرواية فظاهرها : يلزم الجاهل والناسي دم أيضا وظاهر نقل المروذي    : يلزمه صدقة . 
				
						
						
