قوله ( ومن أحدث : حرم عليه الصلاة ، والطواف ، ومس المصحف    ) . 
أما تحريم الصلاة : فبالإجماع . وأما الطواف : فتشترط له الطهارة على الصحيح من المذهب ، عليه الأصحاب . فيحرم عليه فعله بلا طهارة ولا يجزيه . 
 وعنه  يجزيه . ويجبر بدم . 
 وعنه    : وكذا الحائض ، وهو ظاهر كلام  القاضي    . واختاره الشيخ تقي الدين    . وقال : لا دم  [ ص: 223 ] عليها لعذر . وقال : هل هي واجبة ، أو سنة لها ؟ فيه قولان في مذهب  أحمد  وغيره . ونقل أبو طالب    : التطوع أيسر ويأتي ذلك أيضا في أول الحيض ، وفي باب دخول مكة  عند قوله " وإن طاف محدثا  لم يجزئه " . وأما مس المصحف    : فالصحيح من المذهب : أنه يحرم مس كتابته وجلده وحواشيه ، لشمول اسم المصحف له بدليل البيع . ولو كان المس بصدره . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . وقيل : لا يحرم إلا مس كتابته فقط . واختاره  ابن عقيل  في الفنون . قال : لشمول اسم المصحف . لجواز جلوسه على بساط على حواشيه كتابة . قال في الفروع : كذا قال . وقال  القاضي  في شرحه الصغير : للجنب مس ما له قراءته . وظاهر ما قدمه في الرعاية : جواز مس الجلد . فإنه قال : لا يمس المحدث مصحفا . وقيل : ولا جلده . 
تنبيه : ظاهر كلام  المصنف    : أنه لا يجوز للصبي مسه ، وهو تارة مس المصحف فلا يجوز على المذهب ، وعليه الأصحاب . وذكر  القاضي  في موضع : رواية بالجواز وهو وجه في الرعاية وغيرها . وتارة يمس المكتوب في الألواح . فلا يجوز أيضا على الصحيح من المذهب  وعنه  يجوز . وأطلقهما في التلخيص . وتارة يمس اللوح ، أو يحمله . فيجوز على الصحيح من المذهب ، صححه الناظم  وقدمه  ابن رزين  في شرحه ، وهو ظاهر ما جزم به في التلخيص . فإنه قال : وفي مس . الصبيان كتابة القرآن روايتان . واقتصر عليه .  وعنه  لا يجوز ، وهو وجه . ذكره في الرعاية والحاوي وغيرهما [ قال في الفروع ] : ويجوز في رواية مس صبي لوحا كتب فيه . 
قال  ابن رزين    : وهو [ أظهر ] وأطلقهما في المستوعب ، والمغني ، والكافي ، والشرح وابن تميم  ، والرعايتين ، والحاويين ، والزركشي  ، والفائق ، ومجمع البحرين ، وابن عبيدان    . وقال  القاضي  في مستدركه الصغير : لا بأس بمسه لبعض القرآن . ويمنع  [ ص: 224 ] من جملته : وقال في مجمع البحرين : ويحتمل أن يمنع من له عشر فصاعدا ، بناء على وجوب الصلاة عليه . فوائد منها : لا يحرم حمله بعلاقته ، ولا في غلافته ، أو كمه ، أو تصفحه بكمه ، أو بعود ، أو مسه من وراء حائل على الصحيح من المذهب . وعليه الجمهور ، وقدمه في الفروع ، والشرح ، وابن عبيدان  ، وغيرهم . وصححه  المصنف  وغيره . 
قال الزركشي    : هو المشهور ، وقطع به  أبو الخطاب  ، وابن عبدوس  ، وصاحب التلخيص . واختاره  القاضي  ، وأبو محمد    . قال  القاضي    :  وعنه  يحرم . وقيل : يحرم إلا لوراق لحاجته .  وعنه  المنع من تصفحه بكمه . وخرجه  القاضي  ،  والمجد  ، وغيرهما إلى بقية الحوائل . وأبى ذلك طائفة من الأصحاب . منهم  المصنف  في المغني . وفرق بأن كمه وعباءته : متصلا به . 
أشبهت أعضاءه . وأطلق الروايتين في حمله بعلاقته ، أو في غلافه ، وتصفحه بكمه ، أو عود ونحوه ، في المستوعب ، والمحرر ، وابن تميم  ، والرعايتين ، والحاويين ، ومجمع البحرين ، والفائق . ومنها : هل يجوز مس ثوب رقم بالقرآن ، أو فضة نقشت به  ؟ فيه وجهان أو روايتان . 
روى ابن عبيدان  ، في الثوب المطرز بالقرآن روايتان . وقيل : وجهان . وأطلقهما في الكافي ، والمغني ، والشرح ، وابن تميم  ، والرعايتين ، والحاويين ، ومجمع البحرين ، وابن عبيدان  ، والزركشي    . وأطلقهما في المستوعب ، والتلخيص في الفضة المنقوشة . قال في الفروع : ويجوز في رواية مس ثوب رقم به ، وفضة نقشت به . قال الزركشي    : ظاهر كلامه الجواز . قال في النظم ، عن الدرهم المنقوش : هذا المنصور . 
 وعنه  لا يجوز ، وهو وجه في المغني وغيره ، وقدمه  ابن رزين  في شرحه . وقال : لأنه أبلغ من الكاغد . وقال  القاضي  في التخريج : ما لا يتعامل به غالبا لا يجوز مسه ، وإلا فوجهان . وقال في النهاية : وقطع  المجد  بالجواز في مس الخاتم المرقوم فيه قرآن    . واختار في النهاية أنه لا يجوز لمحدث مس ثوب كتب فيه قرآن .  [ ص: 225 ] ومنها : يجوز حمل خرج فيه متاع وفيه مصحف ، على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ، وسواء كان فوق المتاع أو تحته . وقيل : لا يجوز حمله وهو فيه . ومنها : يجوز مس كتاب التفسير ونحوه  ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وحكى  القاضي  رواية بالمنع ، وأطلقهما في الرعاية . وقيل : فيه وجهان . وقيل : روايتان أيضا في حمل كتب التفسير . وقيل : في مس القرآن المكتوب فيه . وذكر  القاضي  في الخلاف من ذلك : ما نقله أبو طالب  في الرجل يكتب الحديث أو الكتاب للحاجة . فيكتب " بسم الله الرحمن الرحيم " ؟ فقال : بعضهم يكرهه ، وكأنه كرهه . وقال : الصحيح المنع من حمل ذلك ومسه . انتهى . 
ومنها : يجوز مس المنسوخ تلاوته ، والمأثور عن الله تعالى ، والتوراة والإنجيل  على الصحيح من المذهب . وقيل : لا يجوز ذلك . 
قلت    : والمنع من قراءة التوراة والإنجيل    : أقوى وأولى . ومنها : لو رفع الحدث عن عضو من أعضاء الوضوء ، ثم مس به المصحف    : لم يجز على الصحيح من المذهب . ولو قلنا : يرتفع الحدث  عنه    . وقيل : لا يحرم إذا قلنا يرتفع  عنه    . واعلم أن في رفع الحدث عن العضو قبل إتمام الوضوء  وجهان . وأطلقهما في الفروع . قلت    : الذي يظهر أن يكون ذلك مراعى . فإن كمله ارتفع وإلا فلا . قال  المصنف  في المغني ، والشارح    : لأنه لا يكون متطهرا إلا بعمل الجميع . قال الزركشي    ; لأن الماء غير طاهر على المذهب [ وقال في الرعاية : ولو رفع الحدث عن عضو لم يمسه به قبل إكمال الطهارة في الأصح ، قال ابن تميم    : ولو رفع الحدث عن عضو لم يمس به المصحف ، حتى يكمل طهارته ] . ومنها : يحرم مس المصحف بعضو نجس  ، على الصحيح من المذهب . وقيل : لا يحرم .  [ ص: 226 ] 
قلت    : هذا خطأ قطعا . ومنها : لا يحرم مسه بعضو طاهر ، إذا كان على غيره نجاسة على الصحيح من المذهب . وقيل : يحرم . قال في الفروع ، عن هاتين المسألتين : قاله بعضهم . 
قلت    : صرح ابن تميم  بالثانية ، والزركشي  بالأولى . وذكر المسألتين في الرعاية . وقال في التبصرة : لا تعتبر الطهارة من النجاسة لغير الصلاة والطواف . ومنها : يجوز مس المصحف بطهارة التيمم  مطلقا ، على الصحيح من المذهب . وقيل : لا يجوز إلا عند الحاجة . اختاره  المصنف    . فإن عدم الماء لتكميل الوضوء تيمم للباقي ، ثم مسه على الصحيح من المذهب . وقال  ابن عقيل    : له مسه قبل تكميلها بالتيمم ، بخلاف الماء . قال ابن تميم  ، وابن حمدان    : وهو سهو . ومنها : يجوز كتابته من غير مس على الصحيح من المذهب ، جزم به  المصنف  وهو مقتضى كلام  الخرقي    . وقاله  القاضي  وغيره . 
 وعنه  يحرم . وأطلقهما في الفروع . وقيل : هو كالتقليب بالعود . وقيل : لا يجوز ، وإن جاز التقليب بالعود . 
 وللمجد  احتمال بالجواز للمحدث دون الجنب . وأطلقهن في الرعاية . ومحل الخلاف : إذا لم يحمله ، على مقتضى ما في التلخيص ، والرعاية ، وغيرهما . 
تنبيه : خرج من كلام  المصنف    : الذمي لانتفاء الطهارة منه وعدم صحتها ، وهو صحيح . لكن له نسخه على الصحيح من المذهب . وقال  ابن عقيل    : بدون حمل ومس . قاله  القاضي  في التعليق وغيره . 
				
						
						
