قوله ( ) يعني ( يضمنه ربها ) [ ص: 240 ] وهذا بلا نزاع . لكن ظاهر كلام وما أفسدت من الزرع والشجر ليلا : الضمان ، سواء انفلتت باختياره ، أو بغير اختياره . وهو رواية عن المصنف رحمه الله . نقلها جماعة ، منهم الإمام أحمد ابن منصور ، وابن هانئ . وقطع به . قال المصنف ابن منجا في شرحه : صرح به في المغني ، وغيره من الأصحاب . انتهى . وقدمه في الفائق . قال المصنف الزركشي : كذا قال جماعة من الأصحاب . منهم في الجامع الصغير ، القاضي والشريف ، في خلافيهما ، وأبو الخطاب والشيرازي ، وابن البنا ، في التذكرة ، وغيرهم . انتهى . والصحيح من المذهب : أنه لا يضمن إذا لم يفرط . قدمه في المحرر ، والفروع . وقال : جزم به جماعة . قال وابن عقيل ابن منجا : وكلامه هنا مشعر به . لأنه عطفه على ضمان ما جنت يدها أو فمها ، بعد اشتراط كونها في يد إنسان موصوف بما ذكر . انتهى . قال الحارثي : إنما يضمن إذا فرط . أما إذا لم يفرط : فإنه لا يضمن . قاله القاضيان ، وابنه أبو يعلى الحسين ، وابن عقيل ، والقاضي يعقوب والسامري ، في الكافي ، وغيرهم . قال في الفائق : ولو كسرت الباب أو فتحته : فهدر . ولو فتحه آدمي : ضمن . والمصنف
تنبيه : قوله " وما أفسدت من الزرع والشجر ليلا يضمنه ربها " خصص الضمان بالأمرين . وهكذا قال في الشرح ، والنظم ، وجماعة . قال في الفروع : جزم به ولعله . أراد في هذا الكتاب . وذكره أيضا رواية عن المصنف رحمه الله . وجزم في المغني ، و الوجيز : أنه لا يضمن سوى الزرع . فقال في المغني : إن أتلفت غير الزرع : لم يضمن مالكها ، نهارا كان إتلافها أو ليلا . [ ص: 241 ] قال الإمام أحمد الحارثي ، وابن منجا : ولم أجده لأحد غيره . انتهيا . قلت : هو ظاهر كلام . لاقتصاره عليه . والصحيح من المذهب : أنه يضمن جميع ما أتلفته مطلقا . قال الخرقي الحارثي : وكافة الأصحاب على التعميم لكل مال . بل منهم من صرح بالتسوية بين الزرع وغيره . منهم في المجرد ، القاضي والسامري في المستوعب . قال ابن منجا في شرحه : خص الحكم بالزرع والشجر . وليس كذلك عند الأصحاب . انتهى . وقدمه في الفروع . وقال : نص عليه . وجزم به جماعة . انتهى . وقدمه في الفائق أيضا . وقال في الواضح : يضمن ما أتلفت ليلا من سائر المال ، بحيث لا ينسب واضعه إلى تفريط . المصنف
فائدة : لو : قضي بالضمان على صاحب الغنم . نص عليه في رواية ادعى صاحب الزرع : أن غنم فلان نفشت ليلا ، ووجد في الزرع أثر غنم ابن منصور . وجعل الشيخ تقي الدين هذا من القيافة في الأموال . وجعلها معتبرة كالقيافة في الأنساب . قاله في القاعدة الثالثة عشر . ويتخرج وجه : لا يكتفى بذلك . قلت : ومحل الخلاف إذا لم يكن هناك غنم لغيره . قوله ( ولا يضمن ما أفسدت من ذلك نهارا ) . ظاهره : سواء أرسلها بقرب ما تفسده عادة أو لا . وهو أحد القولين . وهو ظاهر كلامه في الهداية ، والمذهب والخلاصة ، وجماعة . وقدمه في الفروع . قال الحارثي : وهو الحق . وهو ظاهر كلام الأكثرين من أهل المذهب . وصرح به في المغني . [ ص: 242 ] وقال المصنف ، وجماعة من الأصحاب : لا يضمن إلا أن يرسلها بقرب ما تتلفه عادة ، فيضمن . وذكره القاضي الحارثي ، وغيره رواية . وجزم به في المحرر ، والنظم ، والوجيز ، والفائق ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والزركشي . قلت : وهو الصواب . وقاله في موضع . نقله القاضي الزركشي .
فوائد : الأولى : قال الحارثي : لو جرت عادة بعض النواحي بربطها نهارا وبإرسالها وحفظ الزرع ليلا : فالحكم كذلك . لأن هذا نادر . فلا يعتبر به في التخصيص .
الثانية : إرسال الغاصب ونحوه : موجب للضمان ، نهارا كان أو ليلا . وإرسال المودع : كإرسال المالك في انتفاء الضمان . قاله الحارثي أيضا . والمستعير ، والمستأجر كذلك . ولو استأجر أجيرا لحفظ دوابه ، فأرسلها نهارا فكذلك . اللهم إلا أن يشترط الكف عن الزرع ، فيضمن . فهو كاشتراط المالك على المودع ضبطها نهارا .
الثالثة : لو : لم يضمن ما جنت ، إلا أن يدخلها مزرعة غيره ، فيضمن . وإن اتصلت المزارع : صبر ، ليرجع على صاحبها . ولو قدر أن يخرجها ، وله منصرف غير المزارع فتركها : فهدر . طرد دابة من مزرعته
الرابعة : : فهو هدر . وكذلك لو كان مستدبرا ، وصاح به منبها له ، وإلا ضمنه فيهما . ذكره في الترغيب . واقتصر عليه في الفروع . الحطب الذي على الدابة . إذا خرق ثوب آدمي بصير عاقل ، يجد منحرفا
الخامسة : لو أرسل طائرا فأفسده ، أو لقط حبا : فلا ضمان . قاله في المغني ، الشيخ الموفق والحارثي . [ ص: 243 ] وقيل : يضمن مطلقا . وهو الصحيح . صححه ابن مفلح في الآداب . وضعف الأول . وكذلك صححه ابن القيم في الطرق الحكمية . ولم يذكرها في الفروع .