المسألة الثانية : إذا فأطلق كان غائبا فسار حين علم في طلبها ، ولم يشهد مع القدرة على الإشهاد في سقوطها وجهين . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والنظم ، والرعايتين ، والفروع ، والفائق ، والحاوي الصغير ، المصنف والزركشي ، وغيرهم .
أحدهما : تسقط الشفعة . وهو المذهب . وهو ظاهر كلام رحمه الله في رواية الإمام أحمد أبي طالب . واختاره ، الخرقي وابن عبدوس في تذكرته . قال الحارثي : عليه أكثر الأصحاب . وقدمه في شرح الحارثي ، والمغني ، والشرح ، ونصراه . وجزم به في العمدة .
والوجه الثاني : لا تسقط ، بل هي باقية . [ ص: 266 ] قال : إن سار عقب علمه إلى البلد الذي فيه المشتري من غير إشهاد : احتمل أن لا تبطل شفعته . فعلى هذا الوجه : يبادر إليها بالمضي المعتاد ، بلا نزاع . ولا يلزمه قطع حمام ، وطعام ونافلة ، على الصحيح من المذهب . وقيل : بلى . وكذا الحكم لو كان غائبا عن المجلس حاضرا في البلد . القاضي
تنبيهان : أحدهما : قال الحارثي : حكى الخلاف وجهين . وكذا المصنف . وإنما هما روايتان . ثم قال : وأصل الوجهين في كلامهما احتمالان . أوردهما أبو الخطاب في المجرد . والاحتمالان إنما أوردهما في الإشهاد على السير للطلب . وذلك مغاير للإشهاد على الطلب حين العلم . ولهذا قال : ثم إن أخر الطلب بعد الإشهاد ، وعند إمكانه أبى السير للطلب مواجهة . فلا يصح إثبات الخلاف في الطلب الأول ، متلقى ، عن الخلاف في الطلب الثاني . انتهى . قال القاضي الحارثي : ولم يعتبر في المحرر إشهادا فيما عدا هذا . والإشهاد على الطلب عنده عبارة عن ذلك . وهو خلاف ما قال الأصحاب . وأيضا فالإشهاد على ما قال ليس إشهادا على الطلب في الحقيقة ، بل هو إشهاد على فعل يتعقبه الطلب .
الثاني : استفدنا من قوة كلام : أنه إذ علم ، وأشهد عليه بالطلب ، وسار في طلبها عند إمكانه : أنها لا تسقط وهو صحيح . وكذا لو أشهد عليه ، وسار وكيله . وكذا لو تراخى السير لعذر . المصنف