قوله ( النوع الثاني : قسمة الإجبار    . وهي ما لا ضرر فيها ، ولا رد عوض كالأرض الواسعة ، والقرى ، والبساتين ، والدور الكبار ، والدكاكين الواسعة والمكيلات والموزونات من جنس واحد ، سواء كان مما مسته النار كالدبس وخل التمر ، أو لم تمسه . كخل العنب ، والأدهان ، والألبان ونحوها ) بلا نزاع .  [ ص: 345 ] وقوله ( فإذا طلب أحدهما قسمه ، وأبى الآخر : أجبر عليه ) بلا نزاع . وكذا يجبر ولي من ليس أهلا للقسمة . لكن مع غيبة الولي : هل يقسم الحاكم عليه ؟ فيه وجهان . ذكرهما في الترغيب . واقتصر عليهما مطلقين في الفروع . 
أحدهما : يقسمه الحاكم . قلت : وهو الصواب . لأنه يقوم مقام الولي قال في المحرر : ويقسم الحاكم على الغائب في قسمة الإجبار    . وكذا في الوجيز ، وغيره . وقال في الرعاية : ويقسم الحاكم على الغائب في قسمة الإجبار . وقيل : إن كان له وكيل حاضر : جاز ، وإلا فلا وقال : وولي المولى عليه في قسمة الإجبار : كهو وهذا يدل على أن الحاكم يقسمه مع غيبة الولي . وقال في القاعدة الثالثة والعشرين : فإن كان المشترك مثليا في قسمة الإجبار وهو المكيل والموزون فهل يجوز للشريك أخذ قدر حقه بدون إذن الحاكم ، إذا امتنع الآخر أو غاب  ؟ على وجهين . 
أحدهما : الجواز . وهو قول  أبي الخطاب    . 
والثاني : المنع . وهو قول  القاضي    .  [ ص: 346 ] لأن القسمة مختلف في كونها بيعا ، وإذن الحاكم يرفع النزاع ، والثاني لا يقسمه . فائدة : 
قال جماعة عن قسم الإجبار يقسم الحاكم إن ثبت ملكها عنده . منهم  الخرقي    . وأقره  المصنف  عليه . وقاله في الرعاية الكبرى بخطه ملحقا . ولم يذكره آخرون . منهم :  أبو الخطاب  ، وصاحب المذهب ، والخلاصة ، والمحرر ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وجزم به في الروضة . واختاره الشيخ تقي الدين  رحمه الله ، كبيع مرهون ، وعبد جان . وقال : كلام  الإمام أحمد  رحمه الله في بيع ما لا يقسم وقسم ثمنه : عام فيما ثبت أنه ملكهما ، وما لم يثبت ، كجميع الأموال التي تباع . قال : ومثل ذلك : لو جاءته امرأة ، فزعمت أنها خلية لا ولي لها : هل يزوجها بلا بينة  ؟ ونقل حرب  فيمن أقام بينة بسهم من ضيعة بيد قوم فهربوا منه  يقسم عليهم ، ويدفع إليه حقه . قال الشيخ تقي الدين  رحمه الله : وإن لم يثبت ملك الغائب . قال في الفروع : فدل أنه يجوز ثبوته ، وأنه أولى . وهو موافق لما يأتي في الدعوى . قال في المحرر : ويقسم حاكم على غائب قسمة إجبار . وقال في المبهج ، والمستوعب : بل مع وكيله فيها الحاضر . واختاره في الرعاية في عقار بيد غائب . وقال الشيخ تقي الدين  رحمه الله في قرية مشاعة ، قسمها فلاحوها هل  [ ص: 347 ] يصح ؟ قال : إذا تهايئوها ، وزرع كل منهم حصته : فالزرع له ولرب الأرض نصيبه ، إلا أن من ترك نصيب مالكه : فله أخذ أجرة الفضلة أو مقاسمتها . 
قوله ( وهذه القسمة إفراز حق أحدهما من الآخر . في ظاهر المذهب . وليست بيعا ) وكذا قال في الهداية ، والمذهب وهو المذهب ، كما قال . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي  ، وتذكرة ابن عبدوس  ، وغيرهم . وقدمه في المذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والكافي ، والهادي ، والبلغة ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وإدراك الغاية ، والفروع ، وتجريد العناية ، وغيرهم . قال الزركشي    : هذا المذهب المشهور المختار لعامة الأصحاب . وحكى عن  أبي عبد الله بن بطة  ما يدل على أنها بيع . قال الزركشي    : وقع في تعاليق  أبي حفص العكبري  عن شيخه  ابن بطة    : أنه منع قسمة الثمار التي يجري فيها الربا خرصا . وأخذ من هذا : أنها عنده بيع . انتهى . وحكى الآمدي  فيه روايتين . قال  الشيخ مجد الدين    : الذي تحرر عندي فيما فيه رد : أنه بيع فيما يقابل الرد ، وإفراز في الباقي . لأن أصحابنا قالوا في قسمة المطلق عن الوقف : إذا كان فيها رد من جهة صاحب الوقف : جاز . لأنه يشتري به الطلق وإن كان من صاحب الطلق : لم يجز . انتهى وينبني على هذا الخلاف فوائد كثيرة  [ ص: 348 ] ذكر  المصنف  بعضها هنا ، وذكره غيره . 
				
						
						
