فصل وإن أحرم بحجتين أو عمرتين  انعقد بواحدة ( و  م   ش    ) لأن الزمان يصلح لواحدة ، فيصح به ، كتفريق الصفقة ، فدل على خلاف هنا ، كأصله ، وهو متوجه ، ولا ينعقد بهما ، كبقية أفعالهما ، وكنذرهما في عام واحد ، تجب إحداهما ولم تجب الأخرى ; لأن الوقت لا يصلح لهما ، قاله  القاضي  وغيره ، ويتوجه الخلاف ، وكنية صومين في يوم ، وإن أحرم بصلاتي نفل أو إحداهما  قاله في الخلاف والانتصار ويتوجه وجه : مطلقا انعقد بالنافلة لعدم اعتبار التعيين . 
وقال  أبو حنيفة    : ينعقد بالنسكين ويقضي واحدة ، فلو أفسده قضاهما ، عنده . 
وقال  داود    : لا ينعقد بواحدة منهما ، لقوله : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد   } وهو منهي عنه ، وأجاب  القاضي  وغيره يحمله على . 
 [ ص: 338 ] غير مسألتنا قال الحنفية : من أحرم بحج ثم يوم النحر بأخرى  لزمتاه ، فإن حلق في الأولى فلا شيء عليه ، وإلا لزمه عند  أبي حنيفة  ، قصر أو لم يقصر . وعند صاحبيه     : إن لم يقصر فلا شيء عليه ; لأن الجمع بين إحرامي الحج بدعة ، كالجمع بين إحرامي العمرة ، فإذا حلق فهو أولى إن كان نسكا في الإحرام الأول فهو جناية على الثاني ; ولأنه في غير أوانه ، وإن لم يحلق حتى حج في العام القابل فقد أخر الحلق عن وقته في الإحرام الأول ، وذلك يوجب الدم عند  أبي حنيفة  ، وعندهما     : لا ، قال الحنفية : ومن فرغ من عمرته [ إلا ] التقصير فأحرم بأخرى  فعليه دم ، لإحرامه قبل الوقت ; لأنه جمع بين إحرامي العمرة ، وهذا مكروه . قالوا : فلو فاته الحج ثم أحرم بحج أو عمرة  فقد جمع بين العمرتين من حيث الأفعال وبين الحجتين إحراما ، فعليه أن يرفضها ، كما لو أحرم بهما معا ويقضيها لصحة الشروع فيها ، ودم لرفضها بتحلله قبل أوانه ، بناء على أصلهم أن فائت الحج يتحلل بأفعالها من غير أن ينقلب إحرامه إحرامها ، والله أعلم . وإن أهل لعامين ، فذكر أبو بكر  رواية أبي طالب  إذا قال لبيك العام وعام قابل    . فإن  عطاء  يقول : يحج العام ويعتمر قابل وإن أحرم عن اثنين وقع عن نفسه ( و ) لأنه لا يمكن عنهما ولا أولوية . 
 [ ص: 339 ] وكإحرامه عن زيد ونفسه ، وكذا إن أحرم عن أحدهما لا بعينه ، لأمره بالتعيين ، واختار  القاضي   وأبو الخطاب    : له جعله لأيهما شاء ، لصحته بمجهول ، فصح  عنه  ، قال الحنفية : هو الاستحسان ; لأن الإحرام وسيلة إلى مقصود ، والمبهم يصلح وسيلة بواسطة التعيين ، فاكتفي به شرطا ، فلو طاف شوطا أو سعى أو وقف بعرفة  قبل جعله تعين على نفسه ; لأنه لا يلحقه فسخ ولا يقع عن غير معين ،  وعنه    : يبطل إحرامه ، كذا في الرعاية الكبرى . ويضمن ويؤدب من أخذ من اثنين حجتين ليحج عنهما في عام  ، لفعله محرما ، نص عليه . فإن استنابه اثنان في عام في نسك فأحرم عن أحدهما بعينه ونسيه وتعذر معرفته  فإن فرط أعاد الحج عنهما . وإن فرط الموصى إليه بذلك غرم ذلك ، وإلا فمن تركة الموصيين إن كان النائب غير مستأجر لذلك ، وإلا لزماه . وإن أحرم عن أحدهما بعينه ولم ينسه صح ولم يصح إحرامه للآخر بعده ، نص عليه ، وظاهر ما سبق فيمن أهل بحجة عن أبويه    . 
وقال الحنفية : من أهل بحجة عنهما أجزأه أن يجعلها عن أحدهما ، لا من حج عن غيره بغير أمره ، فإنما يجعل ثواب حجه له ، وذلك بعد أداء الحج ، فلغت نيته قبل أدائه ، وصح جعله ثوابه لأحدهما بعد الأداء ، بخلاف المأمور ، كذا قالوا ، وسبق آخر المناسك في فصل الاستنابة عن المعضوب . . 
				
						
						
