ومكة أفضل من المدينة نصره القاضي وأصحابه وغيرهم ، وأخذه من رواية أبي طالب وقد سئل عن بمكة فقال : كيف لنا به وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { الجوار } ( و هـ ش ) وعنه : إنك لأحب البقاع إلى الله ، وإنك لأحب [ ص: 490 ] البقاع إلي المدينة ، اختاره ابن حامد وغيره . قال في رواية أبي داود وسئل عن المقام بمكة أحب إليك أم بالمدينة فقال : بالمدينة لمن قوي عليه ، لأنها مهاجر المسلمين . قال القاضي : وظاهره أنها أفضل ; لأنه قدم المقام فيها ( و م ) . لنا عن الزهري عن عن أبي سلمة عبد الله بن عدي ابن الحمراء أنه { بالحزورة في سوق مكة والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت } رواه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف أحمد والنسائي ، وابن ماجه والترمذي وقال : حسن صحيح ، وهو كما قال ، وأرسله عن ابن عيينة الزهري ، ورواه الأكثر كما سبق ورواه يعقوب بن عطاء عن ومعمر الزهري عن عن أبي سلمة ، واختلف عن أبي هريرة ورواه يونس عن عمه عن ابن أخي الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عبد الله بن عدي ، ورواه حماد بن سلمة عن وأبو ضمرة محمد بن عمرو وعن عن أبي سلمة ورواه أبي هريرة عن إسماعيل بن جعفر مرسلا ، والصحيح الأول ، ذكر ذلك أبي سلمة . الدارقطني
وقال الترمذي : ورواه محمد بن عمرو عن عن أبي سلمة ، وحديث أبي هريرة الزهري أصح ، وروى أحمد خبر والنسائي ، وأما قوله { أبي هريرة } فرواه وهي أحب أرض الله إلي الحافظ ضياء الدين من حديث عنبسة : حدثني يونس وابن سمعان عن الزهري عن عروة عن ورواه عائشة أبو بكر من أصحابنا من حديث ابن الحمراء السابق ، ولا أحسبهما يصحان ، وللترمذي من حديث { ابن عباس } وقال : حسن صحيح غريب . واحتج القاضي ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ، ولولا [ ص: 491 ] أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك وابن البنا وغيرهم بمضاعفة الصلاة فيه أكثر ، قال القاضي : وهو نص ; لأنه أخبر أن العمل فيها أفضل ولما سبق ، قالوا عن وابن عقيل مرفوعا { رافع المدينة خير من مكة } رد : لا يعرف ، وحمله القاضي على وقت كون مكة دار حرب ، أو على الوقت الذي كان فيها والشرع يؤخذ منه ، وكذا لا يعرف { } وقال القاضي : معناه بعد اللهم إنهم أخرجوني من أحب البقاع إلي فأسكني أحب البقاع إليك مكة ، عن ولمالك يحيى بن سعيد مرفوعا : { } وله ما على الأرض بقعة أحب إلي أن يكون قبري بها منها ، ثلاث مرات ، أن وللبخاري قال : اللهم ارزقني شهادة في سبيلك ، واجعل موتي في بلد رسولك . والجواب لأنهما هاجرا من عمر مكة فأحبا الموت في أفضل البقاع بعدها ، ولهذا عن : { ابن عمر مكة قال : اللهم لا تجعل منايانا بها حتى تخرجنا منها } واحتجوا بأخبار صحيحة تدل على فضلها لا فضيلتها على كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة وبأنه عليه السلام خلق منها وهو خير البشر ، وتربته خير الترب ، وأجاب القاضي بأن فضل الخلقة لا يدل على فضل التربة ; لأن أحد الخلفاء الأربعة أفضل من غيره ، ولم يدل على أن تربته أفضل ، وكذا قال غيره : النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق ، ولا يلزم أن التربة أفضل ، قال في الفنون : الكعبة أفضل من مجرد الحجرة ، فأما ، وهو فيها فلا والله ولا العرش وحملته والجنة ; لأن بالحجرة جسدا لو وزن به
[ ص: 492 ] لرجح . فدل كلام الأصحاب رحمهم الله [ تعالى ] أن التربة على الخلاف ، وقال شيخنا : لم أعلم أحدا فضل التربة على الكعبة غير ، ولم يسبقه أحد ، ولا وافقه أحد . وفي الإرشاد وغيره الخلاف في المجاورة فقط ، وجزموا بأفضلية الصلاة وغيرها ، واختاره شيخنا وغيره ، وهو أظهر ، وقال : المجاورة بمكان يكثر فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان ، ومعنى ما جزم به في المغني وغيره أن القاضي عياض مكة أفضل ، وأن المجاورة بالمدينة أفضل ، وذكر قول : المقام أحمد بالمدينة أحب إلي من المقام بمكة لمن قوي عليه ; لأنها مهاجر المسلمين .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم { } وهذا الخبر رواه لا يصبر أحد على لأوائها وشدتها إلا كنت له شفيعا يوم القيامة من حديث مسلم ، ومن حديث ابن عمر ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث أبي سعيد وفيهن " أو شهيدا " وفي حديث سعد { سعد المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء } وعن ولا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ، ولا يريد أحد أهل مرفوعا { ابن عمر بالمدينة فليفعل ، فإني أشفع لمن مات بها } رواه من استطاع أن يموت أحمد ، وابن ماجه والترمذي وقال : حسن صحيح غريب ، وعن مرفوعا { أبي هريرة المدينة حرم ، فمن أحدث فيها أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف } رواه . وتستحب المجاورة مسلم بمكة ، وكرهها ، وفي كلام أصحابه أبو حنيفة
[ ص: 493 ] المنع . لنا ما سبق ، قالوا : يفضي إلى الملل ولا يأمن المحظور فيتضاعف العذاب عليه ; ولأنه يضيق على أهله . وأبطل القاضي الملل بمسجده عليه السلام والنظر إلى قبره ووجهه في حياته ووجوه الصالحين فإنه يستحب وإن أدى إلى الملل ، ويقابل مضاعفة العذاب مضاعفة الثواب ، على أنا نمنع من علم وقوع المحظور ، ولا يفضي إلى الضيق ، كذا قال ، وفي بعضه نظر ، ولمن هاجر منها المجاورة بها ، وذكر الشيخ رواية أبي طالب : كيف لنا بالجوار بمكة ؟ كان يقيم بها . ومن كان وابن عمر باليمن وجميع البلاد ليس هم بمنزلة من يخرج ويهاجر ، أي لا بأس به ، ونقل : إنما كره حنبل الجوار عمر بمكة لمن هاجر منها فيحتمل أنه حكاه ولم يقل به ، ويحتمل القول به ، فيكون فيه روايتان . وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان أو زمان فاضل ، ذكره القاضي وغيره وشيخنا وابن الجوزي ، وذكر رواية ابن منصور : سئل : هل تكتب السيئة أكثر من واحدة ؟ قال : لا ، إلا أحمد بمكة ، لتعظيم البلد ، ولو أن رجلا بعدن وهم أن يقتل عند البيت أذاقه الله من العذاب الأليم . وذكر أن الحسنات تضاعف ، ولم يذكر السيئات . وسبق في آخر صلاة الجماعة في مضاعفة الصلاة . الآجري