ومن صلى فذا أو غير قائم لعذر فهل يكمل ثوابه  ؟ سبقت في صلاة التطوع  [ ص: 48 ] وأول صلاة الجماعة ، ومن ترك العبادة عجزا فهل يكمل ثوابه  ؟ يتوجه تخريجه على ذلك ، وقد قال صاحب المحرر في أخبار فضل الجماعة على الفذ : لا يصح حملها على المنفرد لعذر ; لأن الأخبار قد دلت على أن ما يفعله لولا العذر [ يكتب له ثوابه ] . ثم ذكر خبر أبي موسى    : إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحا وحديث  أبي هريرة    : من توضأ ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا رواه  أحمد   وأبو داود   والنسائي  ، والمراد والله أعلم : مثل أجر واحد ممن صلاها ; لأن غايته كأحدهم ، وكذا اختار ابن الجوزي  في كشف المشكل في حديث من سأل الله الشهادة أن له أجر الشهيد   . 
وروى  مسلم  من حديث  أنس    : من سأل الله الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه ومن حديث  سهل بن حنيف    : من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه وله أيضا من حديث  أبي هريرة  من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل إثم من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا ومن حديث  أبي مسعود الأنصاري    : من دل على خير فله مثل أجر فاعله وعن زيد بن خالد  مرفوعا . من فطر صائما كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص  [ ص: 49 ] من أجر الصائم شيئا رواه  النسائي   وابن ماجه  ، والترمذي  وصححه ، وعن أبي كبشة الأنماري  مرفوعا مثل هذه الأمة مثل أربعة : رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل في ماله بعلمه ، ورجل آتاه الله علما فقال : لو كان لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمله ، فهما في الأجر سواء ، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما ، فهو يتخبط فيه لا يدري ما له مما عليه ; ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فقال : لو كان لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان ، فهما في الإثم سواء إسناده جيد ، رواه  ابن ماجه   والبيهقي  ، واختاره ابن جرير الطبري  في قوله تعالى : والتين والزيتون  إلى قوله فلهم أجر غير ممنون  ورواه عن  ابن عباس  ، وكذا ذكره  ابن الجوزي  عنه . 
وعن  إبراهيم النخعي  ،  وابن قتيبة    " أن المؤمن تكتب له طاعاته التي كان يعملها " . ولم يذكر في ذلك خلافا ، إنما ذكر الخلاف في المراد بالآية ، وكذا ذكره غير واحد ، واختاره  القرطبي  في شرح  مسلم  ، وقال : لا ينبغي أن يختلف في ذلك ، وقال في تفسير قوله تعالى لا يستوي القاعدون  في المعذور قيل : يحتمل أن يكون أجره مساويا ، وقيل : يعطى أجره بلا تضعيف فيفضله الغازي بالتضعيف ، للمباشرة ، قال : والأول أصح ، واحتج بقوله اكتبوا له ما كان يعمل في الصحة وبحديث أبي كبشة  ، وبقوله عليه السلام : إن بالمدينة    .  [ ص: 50 ] لرجالا ما سرتم مسيرا ، ولا قطعتم واديا ، إلا كانوا معكم ، حبسهم المرض وفي رواية إلا شركوكم في الأجر رواه  مسلم  من حديث  جابر  ، وروى  البخاري  من حديث  أنس  إلا كانوا معكم ، قالوا : يا رسول الله ، وهم بالمدينة  ؟ قال : وهم بالمدينة  ، حبسهم العذر ولم يجب  القرطبي  عن ظاهر الآية المذكورة ، وقول  ابن عباس  فيها : إنه فضلهم على القاعدين من أولي الضرر بدرجة ، وعلى غيرهم بدرجات ، وقال بعض متأخري أصحابنا : هذا أولى من التأكيد والتكرار ، وهو أيضا قول  سعيد بن جبير  ،  ومقاتل  ، والسدي  ،  وابن جريج  ، وغيرهم ، وقال قوم : التفضيل في الموضعين على القاعدين من غير ضرر ، مبالغة ، وبيانا ، وتأكيدا ، وهو قول أبي سليمان الدمشقي  وغيره من الشافعية ، كصاحب المحصول في تفسيره في الآية ، واختاره المهدوي  المالكي ، وذكر في شرح  مسلم  في المتخلف عن الجهاد لعذر    : له شيء من الأجر لا كله . 
				
						
						
