( قوله : عند حرين أو حر وحرتين عاقلين بالغين مسلمين ، ولو فاسقين أو محدودين أو أعميين أو ابني العاقدين ) متعلق بينعقد بيان للشرط الخاص به ، وهو فلم يصح بغير شهود لحديث الإشهاد الترمذي { } ولما رواه البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن من غير بينة محمد بن الحسن مرفوعا { } فكان شرطا ولذا قال : في مآل الفتاوى لو لا نكاح إلا بشهود لا يجوز إلا أن يجدد عقدا بحضرتهم . ا هـ . تزوج بغير شهود ثم أخبر الشهود على وجه الخبر
. وفي الخانية والخلاصة لو لا ينعقد ويكفر لاعتقاده أن النبي يعلم الغيب وصرح في المبسوط بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا بالنكاح بغير شهود ، ولا يشترط الإعلان مع الشهود لما في التبيين أن النكاح بحضور الشاهدين يخرج عن أن يكون سرا ويحصل بحضورهما الإعلان . ا هـ . تزوج بشهادة الله ورسوله
ويستثنى منه مسألة اليمين لما في عدة الفتاوى إذا يحنث وبالشاهدين لا يحنث . ا هـ . حلف ليتزوجن سرا فتزوج بثلاثة شهود
وأفاد المصنف أن الشهادة تشترط في الموقوف عند العقد لا عند الإجازة كما في المحيط ، وأن الحضور كاف لتعبيره بكلمة عند فلا يشترط السماع ، وفيه خلاف ففي الخانية ، وعامة المشايخ شرطوا السماع والقائل بعدمه القاضي الإمام علي السغدي . ا هـ .
وثمرة الاختلاف تظهر في النائمين والأصمين فعلى قول العامة لا ينعقد النكاح بحضورهما ، وعلى قول السغدي ينعقد وصحح قاضي خان في شرحه أنه لا ينعقد بحضرة الأصمين وجزم بأنه لا ينعقد بحضرة النائمين وجزم في فتاواه بأنه لا ينعقد بحضرة النائمين إذا لم يسمعا كلامهما فثبت بهذا أن الأصح ما عليه العامة كما صرح به في التجنيس إذ المقصود من الحضور السماع فقول الزيلعي ينعقد بحضرة النائمين على الأصح ، ولا ينعقد بحضرة الأصمين على المختار ضعيف بل لا فرق بينهما في عدم الانعقاد على الأصح لعدم السماع ، ولقد أنصف المحقق الكمال حيث قال : ولقد أبعد عن الفقه ، وعن الحكمة الشرعية من جوزه بحضرة النائمين . ا هـ .
واختلف في فنقل في الذخيرة روايتين عن اشتراط سماع الشاهدين معا وجزم في الخانية بأنه شرط فكان هو المذهب فلو سمعا كلامهما متفرقين لم يجز ، ولو اتحد المجلس فلو كان أحدهما أصم فسمع صاحب السمع ، ولم يسمع الأصم حتى صاح صاحبه في أذنه أو غيره لا يجوز النكاح حتى يكون السماع معا كذا في الذخيرة واختلف أيضا في أبي يوسف فجزم في التبيين بأنه لو عقد بحضرة هنديين لم يفهما كلامهما لم يجز وصححه في الجوهرة ، وقال : في الظهيرية والظاهر أنه يشترط فهم أنه نكاح واختاره في الخانية فكان هو المذهب [ ص: 95 ] فالحاصل أنه يشترط سماعهما معا مع الفهم على الأصح لكن في الخلاصة إذا فهم الشاهدين كلامهما اختلف المشايخ فيه . تزوج امرأة بالعربية ، والزوج والمرأة يحسنان العربية والشهود لا يعرفون العربية
والأصح أنه ينعقد . ا هـ . فقد اختلف التصحيح في اشتراط الفهم ، وفي الخلاصة وغيرها ينعقد بحضرة السكارى إذا فهموا النكاح ، وإن لم يذكروا بعد الصحو وينبغي أن لا يشترط فهمهم على القول بعدم اشتراطه إلا أن يقال : إنه عند عدم الفهم ملحق بالجنون في حق هذا الحكم لعدم التمييز ، ولا بد من لتنتفي الجهالة فإن كانت حاضرة متنقبة كفى الإشارة إليها والاحتياط كشف وجهها فإن لم يروا شخصها وسمعوا كلامها من البيت إن كانت المرأة في البيت وحدها جاز النكاح لزوال الجهالة ، وإن كان معها امرأة أخرى لا يجوز لعدم زوالها ، وكذا إذا وكلت بالتزويج فهو على هذا التفصيل ، وإن كانت غائبة ، ولم يسمعوا كلامها بأن عقد لها وكيلها فإن كان الشهود يعرفونها كفى ذكر اسمها إذا علموا أنه أرادها ، وإن لم يعرفوها لا بد من ذكر اسمها واسم أبيها وجدها وجوز تمييز المنكوحة عند الشاهدين الخصاف النكاح مطلقا حتى لو وكلته فقال : بحضرتهما زوجت نفسي من موكلتي أو من امرأة جعلت أمرها بيدي فإنه يصح عنده قال قاضي خان والخصاف كان كبيرا في العلم يجوز الاقتداء به وذكر الحاكم الشهيد في المنتقى كما قال الخصاف . ا هـ .
وفي الخلاصة إذا جاز إن كانت له أخت واحدة فإن كانت له أختان فسماها جاز ، وأفاد زوجها أخوها فقال : زوجت أختي ، ولم يسمها المصنف أن كما قدمناه لكن في الظهيرية ، وفي النكاح سواء كتب زوجي نفسك مني فبلغها الكتاب فقالت : زوجت أو كتب تزوجتك وبلغها الكتاب فقالت : زوجت نفسي جاز لكن في الوجه الأول ، ولا يشترط إعلامها الشهود ، وفي الوجه الثاني يشترط . ا هـ . فقولهم يشترط حضورهما وقت قراءة الكتاب ليس على إطلاقه ، وهو مبني على أن صيغة الأمر توكيل فقولها زوجت نفسي منه قائم مقام الإيجاب والقبول فاكتفي بسماعه ، ولا يشترط انعقاد النكاح بكتاب أحدهما يشترط فيه سماع الشاهدين قراءة الكتاب مع قبول الآخر ، وأما على قول من جعل الأمر إيجابا فلا بد من سماع قراءة الكتاب كما لا يخفى الإشهاد على التوكيل فلا ينعقد بحضرة العبيد والمجانين والصبيان والكفار في نكاح المسلمين ; لأنه لا ولاية لهؤلاء ، ولا فرق في العبد بين القن والمدبر والمكاتب فلو أعتق العبيد أو بلغ الصبيان بعد التحمل ثم شهدوا إن كان معهم غيرهم وقت العقد ممن ينعقد بحضورهم جازت شهادتهم ; لأنهم أهل للتحمل . وشرط في الشهود أربعة الحرية والعقل والبلوغ والإسلام
وقد انعقد العقد بغيرهم ، وإلا فلا كما في الخلاصة وغيرها ، ولم يشترط المصنف ; لأنه ينعقد بحضرة الأخرس إذا كان يسمع كما في الخلاصة والأصل في هذا الباب أن كل من صلح أن يكون وليا في النكاح بولاية نفسه صلح أن يكون شاهدا فيه فخرج المكاتب فإنه ، وإن ملك تزويج أمته لكنه بولاية مستفادة من جهة المولى لا بولاية نفسه ثم النكاح له حكمان حكم الإظهار وحكم الانعقاد فحكم [ ص: 96 ] الانعقاد على ما ذكرنا ، وأما حكم الإظهار فإنما يكون عند التجاحد فلا يقبل في الإظهار إلا شهادة من تقبل شهادته في سائر الأحكام كذا في شرح نطق الشاهدين فلذا انعقد بحضور الفاسقين والأعميين والمحدودين في قذف ، وإن لم يتوبا وابني العاقدين ، وإن لم تقبل أداؤهم عند القاضي كانعقاده بحضرة العدوين ، وفي البدائع أن الطحاوي والتهمة تندفع بالحضور من غير قبول على أن معنى الصيانة تحصل بسبب حضورهما ، وإن كان لا تقبل شهادتهما ; لأن النكاح يظهر ويشتهر بحضورهما فإذا ظهر واشتهر تقبل الشهادة فيه بالتسامع فتحصل الصيانة . ا هـ . الإشهاد في النكاح لدفع تهمة الزنا لا لصيانة العقد عند الجحود والإنكار
وظاهره أن من لا تقبل شهادته إذا انعقد بحضوره ثم أخبر به من تقبل شهادته جاز له الشهادة به بالتسامع فليحفظ هذا ، وفي فتاوى النسفي للقاضي أن يبعث إلى شفعوي ليبطل العقد إذا كان بشهادة الفاسق وللحنفي أن يفعل ذلك ، وكذا لو كان بغير ولي فطلقها ثلاثا فبعث إلى شافعي يزوجها منه بغير محلل ثم يقضي بالصحة وبطلان النكاح الأول يجوز إذا لم يأخذ القاضي الكاتب والمكتوب إليه شيئا ، ولا يظهر بهذا حرمة الوطء السابق ، ولا شبهة ، ولا خبث في الولد كذا في الخلاصة ثم قال الإمام ظهير الدين المرغيناني لا يجوز الرجوع إلى شافعي المذهب إلا في اليمين المضافة أما لو فعلوا فقضى ينفذ . ا هـ .
وصورة التزويج بحضرة ابنيهما أن تقع الفرقة بين الزوجين ثم يعقد بحضور ابنيهما ، ولو تجاحدا لا تقبل شهادة ابنيهما مطلقا ; لأنه لا يخلو عن شهادتهما لأصلهما فلو كانا ابنيه وحده تقبل شهادتهما عليه لا له ، ولو كانا ابنيها وحدها قبلت عليها لا لها ، ولو كان أحدهما ابنها والآخر ابنه لم تقبل أصلا ، ومن فإن كان الأب مع الجاحد منهما أيهما كان تقبل شهادتهما ; لأنها شهادة عليه ، وإن كان الأب مع المدعي منهما أيهما كان لم تقبل شهادتهما عند زوج بنته بشهادة ابنيه ثم تجاحد الزوجان ، وقال أبي يوسف تقبل محمد نظر إلى الدعوى والإنكار فأبو يوسف نظر إلى المنفعة ، وعدمها ، وهنا لا منفعة للأب . ومحمد
قال في البدائع والصحيح نظر ; لأن المانع من القبول التهمة ، وإنها تنشأ عن النفع ، وكذلك على هذا الاختلاف فيما إذا محمد تقبل عند قال : رجل لعبده إذا كلمك زيد فأنت حر ثم قال : العبد كلمني زيد ، وأنكر المولى فشهد للعبد ابنا زيد أن أباهما قد كلمه والمولى ينكر ادعى زيد الكلام أو لا لعدم منفعته ، وعند محمد إن كان زيد يدعي الكلام لا تقبل ، وإن كان لا يدعي تقبل ، وكذا على هذا الاختلاف فيمن توكل عن غيره في عقد ثم شهد ابنا الوكيل على العقد فإن كان حقوق العقد لا ترجع إلى العاقد تقبل عند أبي يوسف مطلقا لعدم المنفعة ، وعند محمد إن كان يدعي لا تقبل ، وإن كان ينكر تقبل . ا هـ . أبي يوسف
ولو لم تقبل في قولهم ; لأن الرضا شرط الجواز فكان فيه تنفيذ قول الأب مقصودا فتكون شهادة له كذا في المحيط وجعل في الظهيرية قول زوج بنته ، وأنكرت الرضا فشهد أخواها ، وهما ابناه في المسألة الأولى الإمام ، ولو كانت البنت صغيرة لا تقبل اتفاقا إلا إذا كان الأب جاحدا والآخر مدعيا فمقبولة كما في فتح القدير ، وفي الظهيرية ، ولو كأبي يوسف فإن ادعت الأمة لا تقبل إجماعا ، وإن أنكرت فعند زوج الموليان أمتهما ثم شهدا بطلاقها تقبل ، وعند أبي يوسف لا تقبل . ا هـ . محمد
وفي الولوالجية فإن كانت الأم تدعي فهي باطلة ، وإن كانت تجحد فهي جائزة ذكره في الفصل الرابع من القضاء وذكر في الطلاق أن شهد عليه بنوه أنه طلق أمهم ثلاثا ، وهو يجحد كالشهادة لأمه ، وقيدنا الإشهاد بأنه خاص بالنكاح لما ذكره الشهادة لضرة أمه الإسبيجابي بقوله ، وأما سائر العقود فتنفذ بغير شهود ، ولكن الإشهاد عليه مستحب للآية . ا هـ . وذكر في الواقعات أن الإشهاد واجب في المداينات .
وأما [ ص: 97 ] الكتابة فقال في المحيط من باب العتق : ويستحب للعبد أن يكتب للعتق كتابا ويشهد عليه شهودا توثيقا وصيانة عن التجاحد كما في المداينة بخلاف سائر التجارات ; لأنه مما يكثر وقوعها فالكتابة فيها تؤدي إلى الحرج ، ولا كذلك العتق . ا هـ . وينبغي أن يكون النكاح كالعتق ; لأنه لا حرج فيها .