( تنبيه ) فيه ثلاث مسائل الأولى ما قدمناه لو ، فإنه لا يحل أكله الثانية ما قدمناه لو أخبر عدل بأن هذا اللحم ذبيحة المجوسي وأخبر عدل آخر أنه ذبيحة المسلم ، فإنه يحكم بطهارته الثالثة ما ذكره أخبر عدل بنجاسة الماء وعدل آخر بطهارته في كتاب الاستحسان كما نقله في التوشيح لو محمد ، فإنه يحكم بحله ، وهذا التنبيه لبيان الفرق بين الثلاث ، فإنه قد يشتبه الأصل فيها أن الخبرين إذا تعارضا تساقطا ، ويبقى ما كان ثابتا قبل الخبر على ما كان ففي الماء قبل الخبر الثابت إباحة شربه وطهارته فلما تعارض الدليلان تساقطا فبقي ما كان من الإباحة والطهارة وفي الطعام كذلك ; لأن الأصل هو الحل فوجب العمل به إذ لو ترجح جانب الحرمة لزم ترجيح أحد المتساويين بلا مرجح مع ترك العمل بالأصل ولا يجوز ترجيح الحرمة بالاحتياط لاستلزامه تكذيب الخبر بالحل من غير دليل ، فأما تعارض أدلة الشرع في حل الطعام وحرمته فيوجب ترجيح الحرمة تقليلا للنسخ الذي هو خلاف الأصل وعملا بالاحتياط الذي هو الأصل في أمور الدين عند عدم المانع ، وأما مسألة اللحم الأولى ، فإنه لما تساقط الدليلان أيضا بالتعارض بقي ما كان ثابتا قبل الذبح والثابت قبله حرمة الأكل ; لأنه إنما يحل أكله بالذبح شرعا ، وإذا لم يثبت السبب المبيح لوقوع التعارض في سبب الإباحة بقي حراما كما كان فظهر الفرق بين الثلاث لكن ذكر أخبر عدل بحل طعام وآخر بحرمته الإمام جلال الدين الخبازي في حاشية الهداية تفصيلا حسنا في مسألة الماء تسكن إليه النفس ويميل إليه القلب فقال ، فإن قيل إذا لم لا يصير الماء مشكوكا مع وقوع التعارض بين الخبرين قلنا لا تعارض ثمة ; لأنه أمكن ترجيح أحدهما ، فإن المخبر عن الطهارة لو استقصى في ذلك بأن قال أخذت هذا الماء من النهر وسددت فم هذا الإناء ولم يخالطه شيء أصلا رجحنا خبره لتأيده بالأصل ، وإن بنى خبره على الاستصحاب وقال كان طاهرا فيبقى كذلك رجحنا خبر النجاسة ; لأنه أخبر عن محسوس مشاهد وأنه راجح على الاستصحاب ا هـ . أخبر عدل بنجاسة الماء وعدل آخر بطهارته
والذي ظهر لي أنه يحمل كلام المشايخ على ما إذا لم يبين مستند إخباره فإذا لم يبين يعمل بالأصل ، وهو الطهارة ، وإن بين فالعبرة لهذا التفصيل .
[ ص: 143 ]