قوله : ( بدعية ) أي حرام للنهي [ ص: 260 ] عنه الثابت ضمن الأمر في قوله تعالى : { وطلاق الموطوءة حائضا فطلقوهن لعدتهن } { رضي الله عنهما حين طلقها فيه ما هكذا أمرك الله لابن عمر } ولإجماع الفقهاء على أنه عاص قيد بالطلاق لأن التخيير ، والاختيار ، والخلع في الحيض لا يكره كما قدمناه وإذا أدركت الصبية فاختارت نفسها فلا بأس للقاضي أن يفرق بينهما في الحيض كذا في المجتبى ولما كان المنع منه فيه لتطويل العدة عليها كان النفاس كالحيض كما في الجوهرة وما في المحيط من تعليل عدم كراهة الخلع فيه من أنه ليس بطلاق صريح ، والنص ورد بتحريم الطلاق الصريح فيه نظر لأنه يقتضي أن الكنايات لا تكره في الحيض وليس كذلك للعلة المذكورة ويرد عليه الطلاق على مال فإنه لا يكره في الحيض كما صرح به في المعراج مع أنه صريح ، وقد ذكر وقوله : عليه السلام المصنف ثلاثة وهي ثمانية : الرابع : تطليقها ثنتين بكلمة ، الخامس : تطليقها ثنتين في طهر لم يتخلل بينهما رجعة . السادس : تطليقها في طهر جامعها فيه . السابع : تطليقها في طهر لم يجامعها فيه لكن جامعها في حيض كان قبله ، الثامن : تطليقها في النفاس قوله : ( فيراجعها ) أي وجوبا في الحيض للتخلص من المعصية بالقدر الممكن لأن رفعه بعد وقوعه غير ممكن ورفع أثره وهو العدة بالمراجعة ممكن ولم يذكر صفتها للاختلاف فاختار أنواع للبدعي استحبابها لقول القدوري في الأصل وينبغي له أن يراجعها فإنه لا يستعمل في الوجوب . محمد
والأصح وجوبها لما قلنا وعملا بحقيقة الأمر في قوله عليه السلام : { } ، والأصل فيه أن لفظ الأمر مشترك بين الصيغة النادبة ، والموجبة عند الشافعية حتى يصدق الندب مأمورا به فلا يلزم الوجوب من قوله مر ابنك وأما عندنا فمسمى الأمر الصيغة الموجبة كما أن الصيغة حقيقة في الوجوب فيلزم الوجوب منها ، وإن كانت صادرة عن مر ابنك فليراجعها رضي الله عنه لا النبي صلى الله عليه وسلم لأنه نائب عنه فيها فهو كالمبلغ للصيغة فاشتمل قوله : { عمر } على وجوبين صريح وهو الوجوب على مر ابنك رضي الله عنه أن يأمر وضمني وهو ما يتعلق بابنه عند توجه الصيغة إليه قيدنا بقولنا في الحيض لأنه لو لم يراجعها حتى طهرت تقررت المعصية كذا في فتح القدير مستندا إلى أنه المفهوم من كلام الأصحاب عند التأمل ، ويدل عليه حديث عمر رضي الله عنهما في الصحيحين : { ابن عمر } إلى آخره ، وقد يقال إن هذا ظاهر على رواية مر ابنك فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر الآتية من أنها إذا طهرت طلقها وأما على المذهب فينبغي أن لا تقرر المعصية حتى يأتي الطهر الثاني الذي هو أوان طلاقها . الطحاوي
قوله : ( ويطلقها في طهر ثان ) يعني إذا راجعها في الحيض أمسك عن طلاقها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فيطلقها ثانية ولا يطلقها في الطهر الذي طلقها في حيضته لأنه كما قدمناه بدعي وذكر أنه يطلقها في طهره وهو رواية عن الطحاوي لأن أثر الطلاق انعدم بالمراجعة فصار كأنه لم يطلقها في هذه الحيضة فيسن تطليقها في طهرها ، والأول هو المذكور في الأصل وهو ظاهر الرواية كما في الكافي وظاهر المذهب وقول الكل كما في فتح القدير ويدل له حديث الصحيحين : { أبي حنيفة } ولأن السنة أن يفصل بين كل تطليقتين بحيضة ، والفاصل هنا بعض الحيضة . مر ابنك فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسكها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء
[ ص: 260 ]