( قوله : وتقيد بمجلسها إلا إذا أراد متى شئت ) لما قدمنا أنه تمليك وهو يقتصر على المجلس وإذا زاد متى شئت كان لها لأن كلمة متى عامة في الأوقات فصار كما إذا التطليق في المجلس وبعده ومراده من متى ما دل على عموم الوقت فدخل إذا وأورد عليه أنه ينبغي أن يكون إذا عند قال في أي وقت شئت [ ص: 355 ] كان كما تقدم إذا لم أطلقك فيتقيد بالمجلس وقدمنا جوابه بإمكان أن تعمل شرطا فيتقيد وأن تعمل ظرفا فلا تتقيد ، والأمر صار في يدها فلا يخرج بالشك ودخل حين قال في المحيط . الإمام
ولو قال : حين شئت فهو بمنزلة قوله إذا شئت لأن الحين عبارة عن الوقت ا هـ .
وقيد بما يدل على عموم الوقت احترازا عن أن وكيف وحيث وكم وأين وأينما فإنه يتقيد بالمجلس وكلما كمتى في عدم التقييد بالمجلس مع اختصاصها بإفادة التكرار إلى الثلاث على ما أسلفناه في فصل الأمر باليد ، والإرادة ، والرضا ، والمحبة كالمشيئة بخلاف ما إذا علقه بشيء آخر من أفعالها كالأكل فإنه لا يقتصر على المجلس في الجميع ثم اعلم أن يتقيد بالمجلس سواء أطلقه أو علقه بمشيئتها إلا في متى وإذا وحين وكلما كما قدمناه ولكن بين إطلاقه وتعليقه بغير الأربع فرق فإنه مع الإطلاق تنجيز للتمليك ومع التعليق إضافة له لا تنجيز ومن فروع ذلك أنها لو التفويض إليها بلفظ التطليق لا يقع إذا ذكر المشيئة ويقع إذا لم يذكرها قال في فتح القدير : وقد قدمنا في أول باب إيقاع الطلاق ما يوجب حمل ما أطلق من كلامهم من الوقوع بلفظ الطلاق غلطا على الوقوع في القضاء لا فيما بينه وبين الله تعالى ا هـ . طلقت نفسها بلا قصد غلطا
ولو فلها مشيئتان مشيئة للحال نظرا إلى " أن " ومشيئة في عموم الأوقات نظرا إلى " إذا " قال في المحيط ، ولو جمع بين إن وإذا فلها مشيئتان مشيئة في الحال ومشيئة في عموم الأحوال لأنه علق بمشيئتها في الحال طلاقا معلقا بمشيئتان في أي وقت كان ، والمعلق بالشرط كالمرسل عند وجود الشرط فإذا شاءت في المجلس صار كأنه قال : إن شئت فأنت طالق إذا شئت ا هـ . قال : أنت طالق إذا شئت
والظاهر أنه لا فرق بين تعليق التطليق أو الطلاق في حق هذا الحكم لما في المحيض أيضا أنه إذا فهو بمنزلة المشيئة إلا في خصلة وهي أن نية الثلاث صحيحة في طلقي دون أنت طالق إن شئت ا هـ . قال لها : طلقي نفسك ولم يذكر مشيئة
وظاهره أنها إذا لم تشأ في المجلس خرج الأمر من يدها لأن المشيئة في المجلس هي الشرط في المشيئة في عموم الأوقات ، وفي الظهيرية أنه لو طلقت كل واحدة منهما ثلاثا بتطليق الأولى لا بتطليق الأخرى لأن تطليق الأخرى بعد ذلك نفسها وصاحبتها باطل ، ولو بدأت الأولى فطلقت صاحبتها ثلاثا ثم طلقت نفسها طلقت صاحبتها دون نفسها لأنها في حق نفسها مالكة ، والتمليك يقتصر على المجلس فإذا بدأت بطلاق صاحبتها خرج الأمر من يدها وبتطليقها نفسها لا يبطل تطليقها الأخرى بعد ذلك لأنها في حق الأخرى وكيلة ، والوكالة لا تقتصر على المجلس ، ولو قال لامرأتين له طلقا أنفسكما ثلاثا ، وقد دخل بهما فطلقت كل واحدة منهما نفسها وصاحبتها على التعاقب ثلاثا لا تطلق واحدة منهما حتى تطلق الأخرى نفسها وصاحبتها بخلاف ما تقدم . قال لهما : طلقا أنفسكما إن شئتما فطلقت إحداهما نفسها وصاحبتها
والحاصل أن كل واحدة منهما تنفرد بالإيقاع على نفسها وعلى ضرتها في المسألة الأولى ، وفي المسألة الثانية الاجتماع على الإيقاع شرط الوقوع ، ولو فالجواب فيه كالجواب فيما إذا قال لهما : أمركما بأيديكما يريد به الطلاق في أنه لا تنفرد إحداهما بالطلاق غير أنهما يفترقان في حكم واحد وهو أنهما لو اجتمعا على طلاق واحدة منهما يقع . قال طلقا أنفسكما إن شئتما
وفي قوله إن شئتما لا يقع لأنه ثمة علق طلاق كل واحدة منهما بمشيئتهما طلاقهما جميعا وههنا لم يعلق بل فوض تطليق كل واحدة منهما إلى رأيهما فإذا اجتمعا على طلاق واحدة يقع ا هـ .
وفي قوله فإذا بدأت بطلاق صاحبتها خرج الأمر من يدها نظرا لما قدمناه عن الخلاصة ، والخانية من أن اشتغالها بطلاق ضرتها لا يخرج الأمر من يدها وجوابه أن ما قدمناه عنهما في الأمر باليد وما هنا إنما هو في الأمر بالتطليق ، والفرق بينهما أنها في الأمر باليد مالكة لطلاق ضرتها لا وكيلة ، وفي الأمر بالتطليق وكيلة فافهم ، والأمر بالتطليق المعلق [ ص: 356 ] بمشيئتها كالأمر باليد في حق هذا الحكم كما في الخانية ، وفي المحيط طلقا أنفسكما ثم قال بعده : لا تطلقا أنفسكما فلكل واحدة منهما أن تطلق نفسها ما دامت في ذلك المجلس ولم يكن لها أن تطلق صاحبتها بعد النهي لأنه توكيل في حق صاحبتها تمليك في حقها ا هـ .
وبما ذكرناه عن الظهيرية علم في فرع ثان غير ما نقلناه عن الفرق بين الأمر بالتطليق المطلق ، والمعلق بمشيئتها ابن الهمام ، وفي الخانية لو لا يقع شيء ، ولو قال لها : طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فقالت أنا طالق كان باطلا ، ولو قال لها طلقي نفسك إن شئت فقالت قد شئت أن أطلق نفسي قال قال لها طلقي نفسك إذا شئت ثم جن جنونا مطبقا ثم طلقت المرأة نفسها كل شيء يملك الزوج أن يرجع عن كلامه يبطل بالجنون وكل شيء لم يملك الزوج أن يرجع عن كلامه لا يبطل بالجنون ا هـ . محمد
وفيها أيضا لو ، ولو قال : أي نسائي شئت طلاقها فهي طالق فشاءت طلاق الكل طلقن إلا واحدة طلقن ا هـ . قال : أي نسائي شاءت الطلاق فهي طلاق فشئن
والفرق أن أيا في الأول وصفت بصفة خاصة ، وفي الثاني بصفة عامة فليتأمل ، وفي تلخيص الجامع للصدر من باب الطلاق في المرض أحد المأمورين ينفرد به وببدل لا وهو يمين منه بيع منها قال لهما في مرضه ، وقد دخل بهما طلقا أنفسكما ثلاثا ملكت كل واحدة طلاقها وتوكلت في طلاق الأخرى ولا ينقسم ومن طلقت بتطليقها لا ترث لرضاها وكذا بتطليقهما معا لإضافته إليهما كالوكيل بالبيع مع الموكل وبتطليق الأخرى ترث ، وإن طلقت بعدها كالتمكين بعده ، ولو يقتصر على المجلس للتمليك ويشترط اجتماعهما للتعليق ، وإن طلقت إحداهما كليهما ثلاثا ، والأخرى مثلها بانتا وورثت الأولى لعدم رضاها نظيره قال : طلقا أنفسكما ثلاثا إن شئتما بخلاف سؤالها ، والثانية لا ترث لرضاها ، ولو خرج كلامهما معا ورثتا لعدمه ، ولو طلقت نفسها في مرضه فأجازه فكما مر غير أن هنا لو اجتمعتا على إحداهما يقع وثمة لا للتعليق نظيره قال : أمركما بيدكما يتقيد بالمجلس ويشترط اجتماعهما ولا يرثان بحال ، ولو اجتمعا على إحداهما صح بحصته من مهرها . ا هـ . وكل رجلين يبيع عبدين أو طلاق امرأتين بمال معلوم قال : طلقا أنفسكما بألف
[ ص: 355 ]