( باب حد الشرب ) .
أي الشرب المحرم أخره عن الزنا ; لأنه أقبح منه وأغلظ عقوبة وقدمه على حد القذف لتيقن الحرمة في الشارب دون القاذف لاحتمال صدقه وتأخير حد السرقة ; لأنه لصيانة الأموال التابعة للنفوس ( قوله : حد إن علم شربه طوعا وصحا ) للحديث { من شرب خمرا وأخذ وريحها موجود أو كان سكران ولو بنبيذ وشهد رجلان أو أقر مرة } أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه ثم نسخ القتل في الرابعة بما رواه النسائي { النسائي } وزاد في لفظ [ ص: 28 ] { أنه عليه السلام قد أتي برجل شرب الخمر في الرابعة فجلده ولم يقتله } أطلق في شرب الخمر فشمل القطرة الواحدة كما سيصرح به آخرا وفي وجود ريحها فشمل ما إذا كان الريح موجودا وقت الشهادة أو وقت رفعه إلى الحاكم وهي على وجهين ، فإن كان المكان قريبا فلا بد من وجود الرائحة عند أداء الشهادة بأن يشهدا بالشرب وبقيام الرائحة أو يشهدا به فقط فيأمر القاضي باستنكاهه فيستنكهه ويخبره بأن ريحها موجود . فرأى المسلمون أن الحد قد وقع وأن القتل قد ارتفع
فإن شهدا به بعد مضي ريحها مع قرب المكان فسيأتي ، وإن كان المكان بعيدا فزالت الرائحة فلا بد أن يشهدا بالشرب ويقولا أخذناه وريحها موجود ; لأن مجيئهم به من مكان بعيد لا يستلزم كونهم أخذوه في حال قيام الرائحة فيحتاجون إلى ذكر ذلك للحاكم ولو أخر المصنف اشتراط وجود الرائحة عن السكران بأن قال بعد قوله ولو بنبيذ وأخذ وريح ما شرب منه موجود لكان أولى ; لأنه لا بد من وجود رائحة الشرب الذي شربه خمرا كان أو نبيذا سكر منه وقد ذكر المصنف الريح حيث قال موجود وفي الهداية وريحها موجودة وهو الحق ; لأن الريح من الأسماء المؤنثة السماعية كما في غاية البيان وقيد بالرجلين ; لأن للشبهة ولم يذكر شهادة النساء لا تقبل في الحدود المصنف أن القاضي يسأل الشهود كما يسألهم في الزنا وقد ذكره قاضي خان في الفتاوى فقال : وإذا سألهم القاضي عن الخمر ما هي ثم سألهم كيف شرب لاحتمال أنه كان مكرها ثم يسألهم متى شرب لاحتمال التقادم ثم يسألهم أنه أين شرب لاحتمال أنه شرب في دار الحرب ا هـ . شهد الشهود عند القاضي على رجل بشرب الخمر
وينبغي أن يكون السؤال عن الوقت مبنيا على قول ، وأما على المذهب فلا ; لأن وجود الرائحة كاف ثم قال : فإذا بينوا ذلك حبسه القاضي حتى يسأل عن العدالة ولا يقضي بظاهر العدالة ا هـ . محمد
لا بد أن يكون بالغا عاقلا مسلما ناطقا فلا حد على صبي ولا مجنون ولا كافر قال في الظهيرية ، والمشهود عليه بشربها ، فإنه يحد في جميع ذلك ما خلا الخمر ، والسكر ، فإنه لا يحد فيهما ; لأن المرتد كافر وحد السكر ، والخمر لا يقام على أحد من الكفار ا هـ . : رجل ارتد عن الإسلام والعياذ بالله تعالى ثم أتي به إلى الإمام ثم شرب خمرا أو سكر من غير خمر أو سرق أو زنى ثم تاب وأسلم
وفي الخانية يكون ذلك إقرارا منه في المعاملات ; لأن الحدود لا تثبت بالشبهات ولا يحد الأخرس سواء شهد الشهود عليه أو أشار بإشارة معهودة ولو ويحد الأعمى لا يقبل ذلك ; لأنه يعرفها بالرائحة ، والذوق من غير ابتلاع ، وإن قال المشهود عليه بشرب الخمر : ظننتها لبنا أو قال : لا أعلم أنها خمر قبل منه ; لأن غير الخمر بعد الغليان ، والشدة يشارك الخمر في الذوق ، والرائحة ا هـ . قال : ظننتها نبيذا
ولا بد من اتفاق الشاهدين فلو لم يحد وكذا لو شهدا على الشرب ، والريح يوجد منه لكنهما اختلفا في الوقت وكذلك لو شهد أحدهما أنه شربها وشهد الآخر بإقراره بشربها كذا في الظهيرية وفي حصره الثبوت في البينة والإقرار دليل على أن من يوجد في بيته الخمر وهو فاسق أو يوجد القوم مجتمعين عليها ولم يرهم أحد يشربونها غير أنهم جلسوا مجلس من يشربها لا يحدون ، وإنما يعزرون وكذلك شهد أحدهما أنه سكر من الخمر وشهد الآخر أنه سكر من السكر وكان في عهد الرجل يوجد معه ركوة من خمر من يقول بوجوب الحد عليه فقال له أبي حنيفة : لم تحده فقال ; لأن معه آلة الشرب ، والفساد فقال الإمام فارجمه إذن ، فإن معه آلة الزنا كذا في الظهيرية وفي قوله : مرة رد لقول الإمام : إنه لا بد من مرتين اعتبارا بالشهادة كما في الزنا قلنا : ثبت ذلك على خلاف القياس فلا يقاس عليه غيره وشرط أن يعلم شربه طوعا وهو بأن يشهد الشهود أنه شربه طائعا ; لأن أبي يوسف لا يوجب الحد قال في الخانية ولو الشرب مكرها لا يقبل ; لأن الشهود شهدوا عليه بالشرب طائعا ولو لم يشهدوا [ ص: 29 ] بذلك لا تقبل شهادتهم فلو قبلنا قوله كان لكل من شهد عليه بالشرب أن يقول كنت مكرها فيرتفع الحد ا هـ . قال أكرهت عليها
قال في الظهيرية فرق بين هذا وبين ما إذا ، فإنه لا يحد ; لأن هناك هو ينكر السبب الموجود للحد ; لأن الفعل يخرج عن أن يكون زنا بالنكاح وهاهنا بعذر الإكراه لا ينعدم السبب وهو حقيقة شرب الخمر إنما هذا عذر مسقط فلا يثبت إلا ببينة يقيمها على ذلك . ا هـ . ادعى المشهود عليه بالزنا أنه نكحها
وظاهر كلام المصنف أن الصحو شرط لإقامة الحد حتى لو حده في حال سكره لا يكتفى به لعدم فائدته من كونه زاجرا وفي القنية . لا يجوز لقاضي الرستاق أو فقيهه أو المتفقهة وأئمة المساجد إقامة حد الشرب إلا بتولية الإمام