( قوله : وبمني يابس بالفرك وإلا يغسل ) معطوف على قوله بالماء يعني يطهر بفركه إن [ ص: 236 ] كان يابسا وبغسله إن كان رطبا وهو فرع نجاسة المني خلافا البدن والثوب والخف إذا أصابه مني لحديث للشافعي عن مسلم { عائشة } ، فإن حمل على حقيقته من أنه فعله بنفسه فظاهر ; لأنه لو كان طاهرا لم يغسله ; لأنه إتلاف الماء لغير حاجة وهو سرف أو هو على مجازه وهو أمره بذلك فهو فرع علمه أطلق مسألة المني فشمل منيه ومنيها وفي طهارة منيها بالفرك اختلاف قال أنه صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني ، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه الفضلي لا يطهر به لرقته والصحيح أنه ، كذا في فتاوى لا فرق بين مني الرجل ومني المرأة قاضي خان وشمل البدن والثوب في أن كلا منهما يطهر بالفرك وهو ظاهر الرواية للبلوى وعن أن البدن لا يطهر بالفرك لرطوبته ، كذا في شرح المجمع أبي حنيفة لابن الملك وشمل ما إذا تقدمه مذي أولا وقيل إنما يطهر بالفرك إذا لم يسبقه مذي ، فإن سبقه لا يطهر إلا بالغسل ، وعن هذا قال شمس الأئمة مسألة المني مشكلة ; لأن كل فحل يمذي ، ثم يمني إلا أن يقال إنه مغلوب بالمني مستهلك فيه فيجعل تبعا . ا هـ .
وفي فتح القدير وهذا ظاهر في أنه إذا كان الواقع أنه لا يمني حتى يمذي ، وقد طهره الشرع بالفرك يابسا يلزم أن يكون اعتبر ذلك الاعتبار للضرورة بخلاف ما إذا بال ولم يستنج بالماء حتى أمنى فإنه لا يطهر حينئذ إلا بالغسل لعدم الملجئ كما قيل وقيل ولو بال ولم ينتشر البول على رأس الذكر بأن لم يتجاوز الثقب فأمنى لا يحكم بتنجيس المني وكذا إذا جاوز لكن خرج المني دفقا من غير أن ينتشر على رأس الذكر ; لأنه لم يوجد سوى مروره على البول في مجراه ولا أثر لذلك في الباطن ا هـ .
وظاهر المتون الإطلاق أعني سواء بال واستنجى أو لم يستنج بالماء فإن المني يطهر بالفرك ; لأنه مغلوب مستهلك كالمذي ولم يعف في المذي إلا لكونه مستهلكا لا لأجل الضرورة وأطلق في الثوب فشمل الجديد والغسيل فيطهر كل منهما بالفرك وقيده في غاية البيان بكون الثوب غسيلا احترازا عن الجديد فإنه لا يطهر بالفرك ولم أره فيما عندي من الكتب لغيره وهو بعيد كما لا يخفى وشمل ما إذا كان للثوب بطانة نفذ إليها وفيه اختلاف ، والصحيح أن البطانة تطهر بالفرك كالظهارة ; لأنه من أجزاء المني كما في النهاية وغيرها ، ثم نجاسة المني عندنا مغلظة كذا في السراج الوهاج معزيا إلى خزانة وحقيقة الفرك الحك باليد حتى يتفتت ، كذا في شرح الفقيه أبي الليث ابن الملك ، وقد صرح المصنف بطهارة المحل بالفرك وكذا في الكل وفيه اختلاف نذكره في آخرها إن شاء الله تعالى وفي المجتبى وبقاء أثر المني بعد الفرك لا يضر كبقائه بعد الغسل وفي المسعودي وأشار إلى أن مني الإنسان نجس وكذا مني كل حيوان كالمني ، وقد صرح بذلك في النهاية والتبيين وكذا العلقة والمضغة نجسان ولهذا قال الولد إذا لم يستهل فهو نجس قاضي خان في فتاويه أفسده سواء غسل أو لا وكذا لو حمله المصلي لا تصح صلاته . ا هـ . الولد إذا نزل من المرأة ولم يستهل وسقط في الماء
وفي المجتبى طهر الثوب كالمني ا هـ . أصاب الثوب دم عبيط فيبس فحته
وفيه نظر لتصريحهم بأن طهارة الثوب بالفرك إنما هو في المني لا في غيره وفي البدائع ، وأما سائر النجاسات إذا أصابت الثوب أو البدن ونحوهما فإنها لا تزول إلا بالغسل سواء كانت رطبة أو يابسة وسواء كانت سائلة أو لها جرم ولو لم يحكم بطهارته حتى يغسله ، ولو أصابه عصير فمضى عليه من المدة مقدار ما يتخمر العصير لا يحكم بنجاسته . ا هـ . أصاب ثوبه خمر فألقى عليها الملح ومضى عليه من المدة مقدار ما يتخلل فيها
( قوله ونحو السيف بالمسح ) أي فخرج الجديد إذا كان عليه صدأ أو منقوشا فإنه لا يطهر إلا بالغسل وخرج الثوب الصقيل لوجود المسام ودخل الظفر إذا كان عليه نجاسة فمسحها وكذلك الزجاجة والزبدية الخضراء أعني المدهونة والخشب [ ص: 237 ] الخراطي والبوريا القصب كما في فتح القدير وزاد في السراج الوهاج العظم والآبنوس وصفائح الذهب والفضة إذا لم تكن منقوشة ، وإنما اكتفى بالمسح ; لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقتلون الكفار بسيوفهم ، ثم يمسحونها ويصلون معها ولأنه لا يتداخله النجاسة ، وما على ظاهره يزول بالمسح أطلقه فشمل الرطب واليابس والعذرة والبول وذكر في الأصل أن البول والدم لا يطهر إلا بالغسل والعذرة الرطبة كذلك واليابسة تطهر بالحت عندهما خلافا يطهر كل جسم صقيل لا مسام له بالمسح جديدا كان أو غيره ، لمحمد والمصنف كأنه اختار ما ذكره ولم يذكر خلاف الكرخي وهو المختار للفتوى لما قدمناه من فعل الصحابة ، كذا في العناية ، وقد أفاد محمد المصنف طهارته بالمسح كنظائره وفيه اختلاف فقيل تطهر حقيقة وقيل تقل وإليه يشير قول حيث قال اكتفى بمسحهما ولم يقل طهرتا وسيأتي بيان الصحيح فيه وفي نظائره وفائدته فيما لو قطع البطيخ أو اللحم بالسكين الممسوحة من النجاسة فإنه يحل أكله على الأول دون الثاني ولا يخفى أن المسح إنما يكون مطهرا بشرط زوال الأثر كما قيده به القدوري قاضي خان في فتاويه ولا فرق بين أن يمسحه بتراب أو خرقة أو صوف الشاة أو غير ذلك كما في الفتاوى أيضا والمسام منافذ الشيء .