( قوله : وإن اختلفت النقود فسد إن لم يبين ) أي فسد البيع لوجود الجهالة المفضية إلى المنازعة فإذا ارتفعت ببيان أحدهما في المجلس ورضي الآخر صح لارتفاع المفسد قبل تقرره فصار كالبيان المقارن والمراد بالبيان في كلامه البيان التأخر ; لأن المقارن يخرج عن موضوع المسألة ; لأن موضوعها مطلقه فافهم والمراد باختلاف النقود اختلاف ماليتها مع الاستواء في الرواج كالبندقي والقايتبايي والسليمي والمغربي والغوري في القاهرة الآن .
فالحاصل [ ص: 304 ] أن المسألة رباعية ; لأنها إما أن تستوي في الرواج والمالية معا أو يختلف فيهما أو يستوي في أحدهما دون الآخر والفساد في صورة واحدة وهي في ثلاث صور : الاستواء في الرواج والاختلاف في المالية والصحة
فيما إذا كانت مختلفة في الرواج والمالية فينصرف إلى الأروج وفيما إذا كانت مختلفة في الرواج مستوية في المالية فينصرف إلى الأروج أيضا وفيما إذا استوت فيهما ، وإنما الاختلاف في الاسم كالمصري والدمشقي فيتخير في دفع أيهما شاء فلو طلب البائع أحدهما للمشتري أن يدفع غيره ; لأن امتناع البائع من قبول ما دفعه المشتري ولا فضل تعنت ، ولذا قلنا إن النقد لا يتعين في المعاوضات ومثل في الهداية مسألة الاستواء في المالية بالثنائي والثلاثي وتعقبه في العناية بأنه لا يصح مثالا ; لأن ما كان اثنان منه دانقا وما كان ثلاثة منه دانقا لا يكون في المالية سواء لكن يمكن أن يكون في الرواج سواء وفسر الثنائي والثلاثي في المعراج كما في العناية .
وفي فتح القدير الثنائي والثلاثي أسماء دراهم كانت في بلادهم مختلفة المالية ، وكذا الركني والخليفتي في الذهب كان الخليفتي أفضل مالية عندهم والعدالى اسم لدراهم ا هـ .
وفسرها الزيلعي بأن الثنائي ما كان اثنان بدرهم والثلاثي ما كان ثلاثة منها بدرهم .
وحاصله أن الثنائي قطعتان من فضة إما بدانق أو بدرهم ، والثلاثي ثلاث قطع منها إما بدانق أو بدرهم ، وإذا خير المشتري إن شاء دفع قطعتين من الثنائي أو ثلاثا من الثلاثي ، فالحق ما في الهداية من الاستواء في المالية ; لأن قيمة الثنائي بقدر قيمة الثلاثي وليس المراد القطعة حتى يكون من باب اختلاف المالية نعم لو باع شيئا بقطعة فسد ; لأن قطعة الثنائي نصف درهم وقطعة الثلاثي ثلث درهم هذا ما ظهر لي في حل هذا المحل ، ولم أره لغيري قيد بالبيع ; لأن في الوصية إذا كانت مختلفة في المالية متساوية في الرواج فتنفذ وصاياه بأقل النقود ، وإن كانت متفاوتة في الرواج مستوية في المالية انصرفت الوصية إلى النقد الغالب وفي البزازية من كتاب الدعوى ، وإن ادعى وزنيا ذكر الجنس ذهبا أو فضة ، ولو مضروبا بقول كذا دينارا خوارزميا أو بخاريا جيدا أو رديئا ويحتاج إلى ذكر الصفة عند اختلاف النقود ، ولو نقدا واحدا لا ، ولو نقودا و الكل على الرواج ولا مزية للبعض فيه على الآخر يجوز البيع ويعطي المشتري أيا شاء لكن في الدعوى لا بد من التعيين ، فإن كان أحدهما أروج ينصرف البيع إلى الأروج وعند ذكر النيسابوري إلى ذكر كونه أحمر ولا بد من ذكر الجودة عند العامة ، وقال باع سلعة بدرهم في بلدة فيها درهم قطعتان ودرهم ثلاثة الإمام النسفي إن ذكر أحمر خالصا ، ولم يذكر الجودة كفاه ولا بد من ذكر ضرب أي دار وقيل لا يشترط ، وإذا ذكر أنها منتقدة لا يحتاج إلى ذكر الجودة في الصحيح .
وذكر اللامشي إذا كانت النقود في البلد مختلفة أحدها أروج لا تصح الدعوى ما لم يبين ، وكذا إذا لا يصح بلا بيان بخلاف البيع ، فإنه ينصرف إلى الأروج وفي الذخيرة عند اختلاف النقود في البلد والتساوي في الرواج لا يصح البيع ولا الدعوى بلا بيان ، وإن لاح فضل الرواج ينصرف إليه ويعتبر كاللفظ في الدعوى فلا حاجة إلى البيان إلا إذا طال الزمان من وقت الخصومة إلى وقت الدعوى بحيث لا يعلم الأروج فحينئذ لا بد من البيان لما هو الأروج وقت العقد إلى هنا ما في البزازية من الدعوى . أقر بعشرة دنانير حمر وفي البلد نقود مختلفة حمر
وذكر في الصلح ، ولو كان البدل دراهم يحتاج إلى بيان القدر والصفة ويقع على نقد البلد الدراهم والدنانير عند الإطلاق ، وإن اختلفت النقود فعلى الأغلب ، وإن استوت لا يصح بلا بيان ا هـ .
[ ص: 304 ]