( قوله وعدم الحيض والاستحاضة ) لأن انقطاع الحيض أو استمرار الدم علامة الداء لأن الحيض هو الأصل في بنات آدم وهو دم صحة فإذا لم تحض فالظاهر أنه عن داء بها ولهذا قالوا لا تسمع دعواه بانقطاعه إلا إذا ذكر سببه من داء أو حبل ويعتبر في الارتفاع أقصى غاية البلوغ سبع عشرة سنة عند وخمسة عشر الإمام عندهما ويعرف ذلك بقول الأمة لأنه لا يعرفه غيرها ولكن لا ترد بقولها بل لا بد من استحلاف البائع فترد بنكوله إن كان بعد القبض وإن كان قبله فكذلك في الصحيح ولو ادعاه في مدة قصيرة لم تسمع وأقلها ثلاثة أشهر عند الثاني وأربعة أشهر وعشر عند الثالث وابتداؤها من وقت الشراء وحاصلها أنه إذا صحح دعواه سئل البائع فإن صدقه ردت عليه وإلا لم يحلف عند كما سيأتي . الإمام
وإن أقر به وأنكر كونه عنده حلف فإن نكل ردت عليه ولا تقبل البينة على أن الانقطاع كان عند البائع للتيقن بكذبهم بخلاف الشهادة على الاستحاضة لأنها درور الدم والمرجع في الحبل إلى قول النساء وفي الداء إلى الأطباء وهم عدلان كذا ذكر الشارح تبعا للنهاية والدراية ولكن فيها أن الرجوع فيها إلى قول الأمة إنما هو قول . محمد
أما في ظاهر الرواية فلا قول للأمة في ذلك . ا هـ .
وبما قررناه ظهر أن انقطاع الحيض لا يكون عيبا إلا إذا كان في أوانه أما انقطاعه في سن الصغر أو الإياس فلا اتفاقا كما في المعراج واعتبر قاضي خان في فتاويه مدة الانقطاع بشهر ورجحه في فتح القدير ولذا لم يشترط قاضي خان لصحة دعوى الانقطاع تعيين أن يكون عن داء أو حبل ورجحه في فتح القدير لأنه وإن لم يكن عن داء فهو طريق إليه وطريق توجه الخصومة على ما صححه في فتح القدير أن يدعي انقطاعه للحال ووجوده عند البائع فإن أنكر وجوده عنده واعترف بالانقطاع في الحال استخبرت الجارية فإن ذكرت أنها منقطعة اتجهت الخصومة فيحلف ما وجد عنده فإن نكل ردت عليه وفي القنية ولو فله الرد ثم إن كانت مغنية فله [ ص: 47 ] الرد ا هـ . وجد الجارية تحيض في كل ستة أشهر مرة
ثم اعلم أنه قد وقع من ابن الهمام خبط عجيب فإنه رد على الشارحين في موضعين الأول في اشتراطهم أن يكون الانقطاع عن داء أو حبل وزعم أن فقيه النفس قاضي خان لم يتعرض له وليس كما زعم بل قاضي خان في الفتاوى صرح به أولا فقال لو قال اشترى جارية وقبضها ثم قال إنها لا تحيض الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل لا تسمع دعوى المشتري إلا أن يدعي ارتفاع الحيض بالحبل أو بسبب الداء فإن ادعى بسبب الحبل يريها القاضي النساء إن قلن هي حبلى يحلف البائع أن ذلك لم يكن عنده وإن قلن ليست بحبلى فلا يمين وفي معرفة داء في باطنها يرجع إلى الأطباء إلى آخره فهذا كما ترى صريح فيما نقلوه فكيف يصح قوله إنه لم يتعرض له لكن وقع له عبارة أخرى في الفتاوى بعد هذه بصفحة .
قال قال رجل اشترى جارية وقبضها ولم تحض عند المشتري شهرا أو أربعين يوما القاضي الإمام أبو بكر محمد بن الفضل ارتفاع الحيض عيب وأدناه شهر واحد وإذا ارتفع هذا القدر عند المشتري كان له أن يرد إذا أثبت كان عند البائع ا هـ .
فالعبارتان لواحد وهو لكن الأولى لسماع الدعوى عند القاضي والثانية لتحقيق العيب في نفسه لا لبيان سببه فلا مخالفة بينهما الثاني في نقلهم أنه لا بد من مدة مديدة سنتان أو أربعة أشهر وعشر أو ثلاثة أشهر محتجا بالعبارة الثانية الشيخ الإمام أبو بكر لقاضي خان ولا اعتبار بها مع صريح النقل عن الأئمة الثلاثة ويمكن حملها على رواية أخرى فنسبته لهم إلى الغلط غلط فاحش منه فالمعتمد ما نقله الشارحون في النهاية والعناية والدراية والبناية والتبيين والكافي وغيرهم وفي البزازية ارتفاعه بدون أحد هذين لا يعد عيبا ونقل عن أبي مطيع أنه قدر المدة بتسعة أشهر بحولين . وسفيان
وفي التحفة قدره بشهرين كما في غاية البيان فهي سبعة أقوال ثم اعلم أنه لا منافاة بين قولهم يعتبر قول الأمة وبين قولهم والمرجع في الحبل إلى قول النساء وفي الداء إلى قول الأطباء لأن محل اعتبار قول الأمة إنما هو لأجل انقطاع [ ص: 48 ] الدم لتوجه الخصومة إلى البائع فإذا توجهت إليه بقولها وعين المشتري أنه عن حبل رجعنا إلى قول النساء العالمات بالحبل لتوجه اليمين على البائع وإن عين أنه عن داء رجعنا إلى قول الأطباء كذلك كما لا يخفى .