( قوله : ومن بطل البيع فيهما ، وإن جمع بين عبد ومدبر أو بين عبده ، وعبد غيره أو بين ملك ووقف صح في القن وعبده والملك ) أما الأول فهو قول جمع بين حر [ ص: 98 ] وعبد أو بين شاة ذكية وميتة ، وقالا يصح إن سمى لكل واحد ثمنا ، وأفسد البيع أبي حنيفة في الكل فالأصل عنده أنه إذا جمع بين حل ، وحرام فإنه يفسد في الكل فصل أو لا ، وقاس الثاني على الأول إذ محلية البيع منتفية بالإضافة إلى الكل ، ولهما أن الفساد بقدر المفسد فلا يتعدى إلى القن كمن جمع بين أجنبية وأخته في النكاح بخلاف ما إذا لم يسم ثمن كل واحد منهما للجهالة زفر ، وهو الفرق بين الفصلين أن الحر لا يدخل تحت العقد أصلا لأنه ليس بمال ، والبيع صفقة واحدة فكان القبول في الحر شرطا للبيع في العبد ، وهذا شرط فاسد بخلاف النكاح لأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة أما البيع في هؤلاء فموقوف ، وقد دخلوا تحت العقد لقيام المالية ، ولذا ينعقد في عبد الغير بإجازته ، وفي المكاتب برضاه في الأصح ، وفي المدبر بقضاء القاضي . ولأبي حنيفة
وكذا في أم الولد عند أبي حنيفة إلا أن المالك باستحقاقه المبيع ، وهؤلاء باستحقاقهم أنفسهم ردوا البيع فكان هذا إشارة إلى البقاء كما إذا اشترى عبدين ، وهلك أحدهما قبل القبض ، وهذا لا يكون شرط القبول في غير المبيع ، ولا بيعا بالحصة ابتداء ، ولهذا لا يشترط بيان ثمن كل واحد فيه ، ومتروك التسمية عمدا كالميتة ، وأم الولد ، والمكاتب كالمدبر ، وفيما إذا جمع بين ملك ووقف روايتان ، وما ذكره وأبي يوسف المؤلف هو الصحيح لأن الوقف مال ، ولهذا ينتفع به انتفاع الأموال غير أنه لا يباع لأجل حق تعلق به ، وذلك لا يوجب فساد العقد فيما ضم إليه كالمدبر لكن أراد بالوقف ما ليس بمسجد فإن المسجد لو ضم إلى الملك فإنه يبطل فيهما لأن المسجد كالحر كذا ذكره الشارح ، وقيده في التجنيس بالعامر لأن المسجد الخراب لو ضم إلى الملك لم يبطل في الملك لجواز بيع المسجد إذا خرب في أحد القولين فصار مجتهدا فيه كالمدبر ، ولا يشكل ما في المحيط من أنه لو باع قرية ، ولم يستثن ما فيها من المساجد والمقابر فالأصح الصحة في الملك لأن ما فيها من المساجد والمقابر مستثنى عادة .
ثم اعلم أنه قد وقعت حادثة في القسطنطينية هي جمع بين وقف ، وملك ، وباعهما صفقة واحدة فأفتى مفتيها بعدم الصحة في الملك كالوقف فاعترض عليه بأنه مخالف للأصح فأجاب بأنه محمول على ، وقف لم يحكم بصحته ولزومه ليكون كالمدبر مجتهدا فيه أما ما قضى القاضي به فهو كالحر للزومه إجماعا فيسري الفساد إلى الملك ، ولكن يرد عليه ما صرح به قاضي خان في فتاواه أن الوقف بعد القضاء تسمع دعوى الملك فيه ، وليس هو كالحر بدليل أنه لو ضم إلى ملك لا يفسد البيع في الملك ، وهكذا في الظهيرية ، وهذا لا يمكن تأويله فوجب الرجوع إلى الحق ، وهو إطلاق الوقف لأنه بعد القضاء ، وإن صار لازما بالإجماع لكنه يقبل البيع بعد لزوم الوقف إما بشرط الاستبدال ، وهو صحيح على قول المفتى به أو بضعف علته كما هو قولهما أو بورود غصب عليه ، ولا يمكن انتزاعه فللناظر [ ص: 99 ] بيعه كما في فتاوى أبي يوسف قاضي خان أو بقضاء قاض حنبلي ببيعه فإن عنده بيع الوقوف يجوز ، ويشتري ببدله ما هو خير منه كما في معراج الدراية فكيف يجعل الوقف كالحر مع وجود هذه الأسباب المجوزة لبيعه ، والله الموفق للصواب ، وإليه المرجع والمآب