( كتاب الصرف ) .
تقدم وجه تأخيره والكلام فيه في مواضع الأول في معناه اللغوي ذكر في القاموس أن صرف [ ص: 209 ] الحديث أن يزاد فيه ويحسن من الصرف في الدراهم وهو فضل بعضه على بعض في القيمة وكذلك صرف الكلام ، وأما الصرف في الحديث { } فالصرف التوبة والعدل الفدية أو هو النافلة والعدل الفريضة أو بالعكس أو هو الوزن والعدل الكيل أو هو الاكتساب والعدل الفدية أو الحيل . ا هـ . لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا
وفي الصحاح يقال صرفت الدراهم بالدنانير وبين الدرهمين صرف أي فضل لجودة فضة أحدهما على الآخر . ا هـ .
والثاني : في معناه في الشريعة وقد أفاد بقوله ( هو بيع بعض الأثمان ببعض ) كالذهب والفضة إذا بيع أحدهما بالآخر أي بيع ما من جنس الأثمان بعضها ببعض وإنما فسرناه به ولم نبقه على ظاهره ليدخل فيه بيع المصوغ بالمصوغ أو بالنقد فإن المصوغ بسبب ما اتصل به من الصنعة لم يبق ثمنا صريحا ولهذا يتعين في العقد ومع ذلك بيعه صرف الثالث في فما هو ركن كل بيع فهو ركنه من الإيجاب والقبول أو التعاطي والرابع في ركنه ، الأول قبض البدلين قبل الافتراق بالأبدان ، الثاني أن يكون باتا لا خيار فيه فإن شرط فيه خيار وأبطله صاحبه قبل التفرق صح وبعده لا ، وأما خيار العيب فثابت فيه ، وأما خيار الرؤية فثابت في العين دون الدين ، وإذا رده بعيب انفسخ العقد سواء رده في المجلس أو بعده وإن كان دينا فردها في المجلس لم ينفسخ ، فإذا رد بدله بقي الصرف وإن رد بعد الافتراق بطل وتمامه في البدائع ، الثالث أن لا يكون بدل الصرف مؤجلا فإن شرائطه فأربعة انقلب جائزا وبعد التفرق لا ، الرابع التساوي في الوزن إن كان المعقود عليه من جنس واحد فإن أبطل صاحب الأجل الأجل قبل التفرق ونقد ما عليه ثم افترقا عن قبض من الجانبين لم يجز فإن علما التساوي في المجلس وتفرقا عن قبض صح ، وكذا لو اقتسما الجنس مجازفة لم يجز إلا إذا علم التساوي في المجلس لأن القسمة كالبيع ، كذا في السراج الوهاج . ( قوله : فلو تجانسا شرط التماثل والتقابض ) أي النقدان بأن بيع أحدهما بجنس الآخر فلا بد لصحته من التساوي وزنا ومن قبض البدلين قبل الافتراق ، أما التساوي فقدمناه في باب الربا ولو تبايعا ذهبا بذهب أو فضة بفضة مجازفة فسد البيع عند تصارفا جنسا بجنس مثلا بمثل وتقابضا وتفرقا ثم زاد أحدهما صاحبه شيئا أو حط عنه شيئا وقبله الآخر وعند أبي حنيفة هما باطلان والصرف صحيح وعند أبي يوسف الزيادة باطلة والحط جائز بمنزلة الهبة المستقلة ، واختلافهم هذا فرع اختلافهم في أن الشرط الفاسد المتأخر عن العقد في الذكر إذا ألحق به هل يلتحق أم لا فمن أصل محمد التحاقه ويفسد العقد ، ومن أصلهما عدم التحاقه فطرده أبي حنيفة هنا أبو يوسف فرق بين الزيادة والحط ولو زاد أو حط في صرف بخلاف الجنس جاز إجماعا لكن يشترط قبض الزيادة قبل الافتراق لالتحاقها بأصل العقد ، ولو حط مشتري الدينار قيراطا منه فبائع الدينار يكون شريكا له في الدينار ولو زاد مشتري السيف المحلى دينارا جاز ولا يشترط قبضه قبل الافتراق لصرف الزيادة إلى النصل والحمائل وتمامه في البدائع ، وأما التقابض فالمراد التقابض قبل الافتراق بأبدانهما بأن يأخذ هذا في جهة وهذا في جهة فإن مشيا ميلا أو أكثر ولم يفارق أحدهما صاحبه فليسا بمتفرقين ولا يبطل بما يدل على الإعراض بخلاف خيار المخيرة فإنه يبطل بما يدل عليه ، وتفرع على ما ذكرناه أنه لو ومحمد فهو باطل لأن حقوق العقد لا تتعلق بالرسول بل بالمرسل وهما متفرقان بأبدانهما ، وكذا لو كان لكل من رجلين على صاحبه دين فأرسل إليه رسولا فقال بعتك الدنانير التي لي عليك بالدراهم التي لك علي ، وقال قبلت لم يجز لأنهما مفترقان بأبدانهما والمعتبر افتراق المتعاقدين سواء كانا مالكين أو نائبين كالأب والوصي والوكيل لأن [ ص: 210 ] القبض من حقوق العقد وحقوقه متعلقة بهما ولا اعتبار بالمجلس إلا في مسألة وهي ما إذا نادى أحدهما صاحبه من وراء جدار أو ناداه من بعيد فهو باطل ، كذا روي عن قال الأب اشهدوا أني اشتريت هذا الدينار من ابني الصغير بعشرة دراهم ثم قام قبل أن يزن العشرة لأن الأب هو العاقد فلا يمكن اعتبار التفرق بالأبدان فيعتبر المجلس ، كذا في البدائع وفي الذخيرة لو محمد بطل في حصة الذاهب فقط كالمالكين إذا قبض أحدهما ولم يقبض الآخر بخلاف الوكيلين بقبض الدين إذا قبض أحدهما دون الآخر لم يجز ، كذا في الذخيرة وتفرع على اشتراط القبض أنه لا يجوز وكل وكيلين في الصرف فتصارفا ثم ذهب أحدهما قبل القبض وقبض الآخر ولا هبته والتصدق به فإن فعل لم يصح بدون قبول الآخر فإن قبل انتقض الصرف وإلا لم يصح ولم ينتقض ; لأنه في معنى الفسخ فلا يصح إلا بتراضيهما فلو أبى الواهب أن يأخذ ما وهب أجبر على القبض وتفرع أيضا أنه لا يجوز الإبراء عن بدل الصرف وسيأتي ، وعلى هذا تتخرج المقاصة في ثمن الصرف إذا وجب الدين بعقد متأخر عن عقد الصرف أنه لا يصير قصاصا ببدل الصرف وإن تراضيا بذلك ، وقد مر في السلم ولو الاستبدال ببدل الصرف قبل قبضه أن يبطل الصرف وقد تقدم في السلم وتمامه في البدائع ثم إن استحق أحد بدلي الصرف بعد الافتراق فإن أجاز المستحق والبدل قائم أو ضمن الناقد وهو هالك جاز الصرف وإن استرده وهو قائم أو ضمن القابض قيمته وهو هالك بطل الصرف ، كذا في البدائع قيدنا التماثل من حيث الوزن لأنه لا اعتبار به عددا ، كذا في الذخيرة . قبض بدل الصرف ثم انتقض القبض فيه لمعنى أوجب انتقاضه