( فصل في الحبس ) .
قدمنا أنه مما يملكه القاضي على الممتنع عن إيفاء الحق وتعزيرا فكان من عمله فذكره فيه وهو في اللغة المنع ، وهو مصدر حبسه من باب ضرب ثم أطلق على الموضع وجمع على حبوس مثل فلس وفلوس كذا في المصباح ودليله الكتاب {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أو ينفوا من الأرض } والمراد منه الحبس والسنة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109630حبسه عليه الصلاة والسلام رجلا بالتهمة } والإجماع عليه ، وكان في المسجد إلى زمن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه فبنى سجنا ، وهو أول من بناه في الإسلام وسماه نافعا ولم يكن حصينا لكونه من قصب فانفلت الناس منه فبنى آخر وسماه مخيسا ، وكان من مدر وفي ذلك يقول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي [ ص: 308 ] ألا تراني كيسا مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا بابا حصينا وأمينا كيسا
وفي رواية حصنا حصينا وفي رواية بدلت بدل بنيت وفي رواية بابا شديدا وفي رواية وأميرا بدل أمينا والمخيس بالخاء المعجمة والتاء المثناة الفوقية موضع التخييس بياءين وهو التذليل وروي بكسر الياء ; لأنه يذلل من وقع فيه .
والكيس حسن التأني في الأمور والكيس المنسوب إلى الكيس المعروف به وأمينا أراد ونصبت أمينا يعني السجان كقوله متقلدا سيفا ورمحا كذا في الفائق
nindex.php?page=treesubj&link=25742_25726، وصفة الحبس أن يكون في موضع ليس فيه فراش ولا وطاء ولا يمكن أحد يدخل عليه للاستئناس إلا أقاربه وجيرانه ولا يمكثون ولا يخرج لجمعة ولا جماعة ولا لحج فرض ولا لحضور جنازة ولو بكفيل وفي الخلاصة يخرج بكفيل لجنازة الوالدين والأجداد والجدات والأولاد وفي غيرهم لا يخرج وعليه الفتوى ا هـ .
وتعقبه في فتح القدير بأن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا ا نص على خلافه وقد يدفع بأن نص
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في المديون أصالة ، والكلام في الكفيل ولا لمجيء رمضان والعيدين ليضجر قلبه ويوفي ولا لموت قريبه إلا إذا لم يوجد من يغسله ويكفنه فيخرج لقرابة الولاد ، وإن مرض مرضا أضناه فإن وجد من يخدمه لا يخرج ، وإلا أخرج بكفيل وإلا لا يطلقه وحضرة الخصم ليست شرطا ولا يخرج للمعالجة لإمكانها في السجن ولا يمنع من الجماع إن احتاج إليه فتدخل امرأته أو جاريته عليه إن كان فيه موضع سترة ، واختلفوا في منعه من الكسب ، والأصح المنع كذا في الخلاصة ولا يضرب المديون ولا يقيد ولا يغل ولا يجرد ولا يؤاجر ولا يقام بين يدي صاحب الحق إهانة وفي المنتقى إذا خاف فراره قيده كذا في البزازية ، وفيها إذا
nindex.php?page=treesubj&link=25765خيف أنه يفر من السجن يحول إلى سجن اللصوص وإذا جلس المحبوس في السجن متعنتا لا يوفي المال قال
الإمام الأرسابندي يطين الباب ويترك له ثقبة يلقى منها الماء والخبز ، وقال القاضي : الرأي فيه إلى القاضي . ا هـ .
وفي الخانية إذا
nindex.php?page=treesubj&link=25656_25741كان للمحبوس ديون على الناس فإن القاضي يخرجه ليخاصم ثم يحبس . ا هـ .
وصرحوا في كتاب الظهار أنه إذا امتنع من التكفير مع قدرته يضرب وصرحوا في كتاب النفقات أنه لو امتنع من الإنفاق على قريبه يضرب بخلاف سائر الديون ا هـ .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن القاضي يؤجره لقضاء دينه وعليه حمل ما في الحديث من أنه باع حرا في دينه أي أجره وتعيين مكان الحبس للقاضي إلا إذا طلب المدعي مكانا آخر لما في القنية
nindex.php?page=treesubj&link=25730ادعى على بنته مالا ، وأمر القاضي بحبسها فطلب الأب منه أن يحبسها في موضع آخر غير السجن حتى لا يضيع عرضه يجيبه القاضي إلى ذلك ، وكذا في كل مدع مع المدعى عليه ا هـ .
وفي المحيط ، ويجعل للنساء سجن على حدة نفيا لوقوع الفتنة .
[ ص: 307 ]
( فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ ) .
قَدَّمْنَا أَنَّهُ مِمَّا يَمْلِكُهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُمْتَنِعِ عَنْ إيفَاءِ الْحَقِّ وَتَعْزِيرًا فَكَانَ مِنْ عَمَلِهِ فَذِكْرُهُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَبَسَهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَوْضِعِ وَجُمِعَ عَلَى حُبُوسٍ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَدَلِيلُهُ الْكِتَابُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ } وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْحَبْسُ وَالسُّنَّةُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109630حَبْسُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَجُلًا بِالتُّهْمَةِ } وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ إلَى زَمَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَبَنَى سِجْنًا ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ وَسَمَّاهُ نَافِعًا وَلَمْ يَكُنْ حَصِينًا لِكَوْنِهِ مِنْ قَصَبٍ فَانْفَلَتَ النَّاسُ مِنْهُ فَبَنَى آخَرَ وَسَمَّاهُ مَخِيسًا ، وَكَانَ مِنْ مَدَرٍ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ [ ص: 308 ] أَلَا تَرَانِي كَيِّسًا مُكَيَّسَا بَنَيْتُ بَعْدَ نَافِعٍ مُخَيَّسَا بَابًا حَصِينًا وَأَمِينًا كَيِّسَا
وَفِي رِوَايَةٍ حِصْنًا حَصِينًا وَفِي رِوَايَةٍ بَدَّلْتُ بَدَلَ بَنَيْتُ وَفِي رِوَايَةٍ بَابًا شَدِيدًا وَفِي رِوَايَةٍ وَأَمِيرًا بَدَلَ أَمِينًا وَالْمُخَيَّسُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ مَوْضِعُ التَّخْيِيسِ بِيَاءَيْنِ وَهُوَ التَّذْلِيلُ وَرُوِيَ بِكَسْرِ الْيَاءِ ; لِأَنَّهُ يُذَلِّلُ مَنْ وَقَعَ فِيهِ .
وَالْكَيْسُ حُسْنُ التَّأَنِّي فِي الْأُمُورِ وَالْكَيِّسُ الْمَنْسُوبُ إلَى الْكَيْسِ الْمَعْرُوفُ بِهِ وَأَمِينًا أَرَادَ وَنَصَبْت أَمِينًا يَعْنِي السَّجَّانَ كَقَوْلِهِ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا كَذَا فِي الْفَائِقِ
nindex.php?page=treesubj&link=25742_25726، وَصِفَةُ الْحَبْسِ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ فِرَاشٌ وَلَا وَطَاءٌ وَلَا يُمْكِنُ أَحَدٌ يَدْخُلُ عَلَيْهِ لِلِاسْتِئْنَاسِ إلَّا أَقَارِبَهُ وَجِيرَانَهُ وَلَا يَمْكُثُونَ وَلَا يَخْرُجُ لِجُمُعَةٍ وَلَا جَمَاعَةٍ وَلَا لِحَجِّ فَرْضٍ وَلَا لِحُضُورِ جِنَازَةٍ وَلَوْ بِكَفِيلٍ وَفِي الْخُلَاصَةِ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ لِجِنَازَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْأَوْلَادِ وَفِي غَيْرِهِمْ لَا يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ا هـ .
وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدًا ا نَصَّ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ فِي الْمَدْيُونِ أَصَالَةٌ ، وَالْكَلَامُ فِي الْكَفِيلِ وَلَا لِمَجِيءِ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ لِيَضْجَرَ قَلْبُهُ وَيُوفِي وَلَا لِمَوْتِ قَرِيبِهِ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ فَيَخْرُجُ لِقَرَابَةِ الْوِلَادِ ، وَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا أَضْنَاهُ فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَخْدُمُهُ لَا يَخْرُجُ ، وَإِلَّا أُخْرِجَ بِكَفِيلٍ وَإِلَّا لَا يُطْلِقُهُ وَحَضْرَةُ الْخَصْمِ لَيْسَتْ شَرْطًا وَلَا يَخْرُجُ لِلْمُعَالَجَةِ لِإِمْكَانِهَا فِي السِّجْنِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْجِمَاعِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ فَتَدْخُلُ امْرَأَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِيهِ مَوْضِعُ سُتْرَةٍ ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْعِهِ مِنْ الْكَسْبِ ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يُضْرَبُ الْمَدْيُونُ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُغَلُّ وَلَا يُجَرَّدُ وَلَا يُؤَاجَرُ وَلَا يُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ إهَانَةً وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا خَافَ فِرَارَهُ قَيَّدَهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ، وَفِيهَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=25765خِيفَ أَنَّهُ يَفِرُّ مِنْ السِّجْنِ يُحَوَّلُ إلَى سِجْنِ اللُّصُوصِ وَإِذَا جَلَسَ الْمَحْبُوسُ فِي السِّجْنِ مُتَعَنِّتًا لَا يُوَفِّي الْمَالَ قَالَ
الْإِمَامُ الأرسابندي يُطَيَّنُ الْبَابُ وَيُتْرَكُ لَهُ ثُقْبَةٌ يَلْقَى مِنْهَا الْمَاءَ وَالْخُبْزَ ، وَقَالَ الْقَاضِي : الرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْقَاضِي . ا هـ .
وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=25656_25741كَانَ لِلْمَحْبُوسِ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ لِيُخَاصِمَ ثُمَّ يُحْبَسُ . ا هـ .
وَصَرَّحُوا فِي كِتَابِ الظِّهَارِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ مَعَ قُدْرَتِهِ يُضْرَبُ وَصَرَّحُوا فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ يُضْرَبُ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ ا هـ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُؤَجِّرُهُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهُ بَاعَ حُرًّا فِي دَيْنِهِ أَيْ أَجَّرَهُ وَتَعْيِينُ مَكَانِ الْحَبْسِ لِلْقَاضِي إلَّا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مَكَانًا آخَرَ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=25730ادَّعَى عَلَى بِنْتِهِ مَالًا ، وَأَمَرَ الْقَاضِي بِحَبْسِهَا فَطَلَبَ الْأَبُ مِنْهُ أَنْ يَحْبِسَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِ السِّجْنِ حَتَّى لَا يَضِيعَ عِرْضُهُ يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ ، وَكَذَا فِي كُلِّ مُدَّعٍ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ا هـ .
وَفِي الْمُحِيطِ ، وَيُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ سِجْنٌ عَلَى حِدَةٍ نَفْيًا لِوُقُوعِ الْفِتْنَةِ .
[ ص: 307 ]