( قوله والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع والإجارة والصلح عن إقرار تتعلق بالوكيل إن لم يكن محجورا كتسليم المبيع وقبضه وقبض الثمن والرجوع عند الاستحقاق والخصومة في العيب ) لأن الوكيل هو العاقد حقيقة لأن العقد يقوم بالكلام وصحة عبارته لكونه آدميا وكذا حكما لأنه يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل ولو كان سفيرا عنه ما استغنى عن ذلك كالرسول وإذا كان كذلك كان أصيلا في الحقوق فتتعلق به وفي النهاية حتى لو حلف المشتري ما للموكل عليه شيء كان بارا في يمينه ولو حلف ما للوكيل عليه شيء كان حانثا ا هـ .
والمراد بقوله فيما يضيفه الوكيل في كل عقد لا بد من إضافته إليه لينفذ على الموكل وليس المراد - [ ص: 148 ] ظاهر العبارة من أنه قد يضيفه وقد لا يضيفه فإن أضافه إلى نفسه تتعلق بالوكيل وإن أضافه إلى موكله تتعلق بالموكل كما فهمه ابن الملك في شرح المجمع لما في الخلاصة والبزازية لا يلزم الموكل لأنه خالف حيث أمره أن لا ترجع إليه العهدة وقد رجع قال وكيل شراء العبد جاء لي مالكه فقال : بعت هذا العبد من الموكل وقال الوكيل : قبلت أبو القاسم الصفار والصحيح أن الوكيل يصير فضوليا ويتوقف العقد على إجازة الموكل . ا هـ .
وفي الجوهرة وكله بالبيع والشراء على أن لا تتعلق به الحقوق لا يصح هذا الشرط وقيد بالوكيل لأن الرسول لا ترجع الحقوق إليه ولو ادعى أنه رسول وقال البائع : إنه وكيل وطالبه بالثمن فالقول للمشتري والبينة على البائع إليه أشير في بيوع الخانية وشرطه الإضافة إلى مرسله لما في البزازية لا يجوز لأن الرسالة لا تتضمن الوكالة لأنها فوقها وإن أخرج مخرج الرسالة جاز بأن يقول : إن مرسلي يقول : بعت منك هـ وفي المحيط الوكيل بشراء شيء بعينه يقع العقد والملك للموكل وإن لم يضف العقد إليه إلا إذا وكل العبد في شراء نفسه له من مولاه وأطلق في الوكيل فشمل ما إذا كان حاضرا وما إذا كان غائبا لما في الفتاوى الصغرى لا تنتقل الحقوق إلى الموكل فيما يضاف إلى الوكيل ما دام الوكيل حيا وإن كان غائبا ا هـ . والرسول في البيع والطلاق والعتاق والنكاح إذا أخرج الكلام مخرج الوكالة بأن أضاف إلى نفسه بأن قال : طلقتك وبعتك وزوجت فلانة منك
وفي المحيط لا يكون للموكل قبض الثمن وما إذا مات الوكيل لما في البزازية إن مات الوكيل عن وصي قال الوكيل بالبيع باع وغاب الفضلي : تنتقل الحقوق إلى وصيه لا الموكل وإن لم يكن وصي يرفع إلى الحاكم ينصب وصيا عند القبض وهو المعقول وقيل : ينتقل إلى موكله ولاية قبضه فيحتاط عند الفتوى . ا هـ .
وما إذا كان الموكل حاضرا وقت عقد الوكيل وما إذا كان غائبا لما في الخلاصة فالعهدة على الوكيل وحضرة الموكل وغيبته سواء ولو والوكيل لو باع [ ص: 149 ] بحضرة الموكل جاز والعهدة على الوكيل الثاني ا هـ . وكل الوكيل بغير إذن وتعميم فباع بحضرة الوكيل الأول
وقوله إن لم يكن محجورا شامل للحر الذي لم يحجر عليه بسفه والعبد المأذون والصبي المأذون ولم يذكر شارحو الهداية المحجور عليه بالسفه هنا وإنما زدته هنا لدخوله تحت المحجور عليه في كلامهم ولقول قاضي خان في الحجر إن المحجور عليه بالسفه بمنزلة الصبي إلا في أربعة فلا تلزمه عهدة كهو وظاهر كلام المصنف أن العهدة على المأذون مطلقا وفصل في الذخيرة بين أن يكون وكيلا بالبيع فالعهدة عليه سواء باع بثمن حال أو مؤجل وبين أن يكون وكيلا بالشراء فإن كان بثمن مؤجل فهي على الموكل لأنه في معنى الكفالة وإن كان بثمن حال فهي على الوكيل لكونه ضمان ثمن . ا هـ .
وخالف في الإيضاح فيما إذا لأن الشراء للموكل والعهدة عليه كما في الذخيرة وإيضاحه في الشرح وقيد بقوله إن لم يكن محجورا لأن المحجور تتعلق الحقوق بموكله كالرسول والقاضي وأمينه ولو قبضه مع هذا صح قبضه لأنه هو العاقد فكان أصيلا فيه وانتفاء اللزوم لا يدل على انتفاء الجواز ثم العبد إذا عتق تلزمه تلك العهدة والصبي إذا بلغ لا تلزمه لأن المانع المولى مع أهليته وقد زال وفي الصبي حق نفسه ولا يزول بالبلوغ ولو وقع التنازع في كونه محجورا أو مأذونا حال كونه وكيلا لم أره وفي الخانية من الحجر اشترى بثمن مؤجل فجعله الشراء له لا للموكل كان القول قول العبد فإن أقام البائع بينة على أن العبد أقر أنه محجور قبل أن يتقدم إلى القضاء بعد الشراء لم تقبل بينته ثم قال : عبد اشترى من رجل شيئا فقال البائع : لا أسلم إليك المبيع لأنك محجور وقال العبد : أنا مأذون كان القول قول المشتري ولا يقبل قول العبد ا هـ . عبد باع من رجل شيئا ثم قال : هذا الذي بعتك لمولاي وأنا محجور وقال المشتري : بل أنت مأذون
وحاصلهما أن القول لمن يدعي الإذن لأن الأصل النفاذ وإقدامهما يدل عليه ومن هنا يقع الفرق بينهما وبين ما إذا كان وكيلا فإن النفاذ حاصل بدون الإذن ولزوم العهدة شيء آخر فينبغي أن يقبل قول العبد أنه محجور عليه لتنتفي العهدة عنه وشمل كلامه المرتد فإن العهدة عليه لكن موقوفة عند فإن أسلم كانت عليه وإلا فعلى الموكل الإمام وعندهما هي عليه مطلقا وهي معروفة وظاهر كلام المصنف أن للوكيل بالإجارة قبض الأجرة وعليه تسليم العين إلى المستأجر وفي منية المفتي خلافه قال الوكيل بالإجارة : ليس له قبض الأجرة وحبس المستأجر به ولو وهب الأجرة قبل القبض جاز إن لم يكن شيئا بعينه . ا هـ .
وهو سبق قلم والصواب ما في كافي الحاكم أن للوكيل بالإجارة المخاصمة في إثباتها وقبض الأجرة وحبس المستأجر به فإن وهب الأجر للمستأجر أو أبرأه جاز إن لم يكن بعينه ويضمنه وإن بعينه لا وإن ناقض الوكيل المستأجر الإجارة قبل أن يعمل فيها شيئا جازت دينا كان الأجر أو عينا وبرئ المستأجر إلا أن يكون الوكيل قبض الأجر ا هـ .
وعلى هذا يطالب الوكيل بالاستئجار بالأجرة كالوكيل بالشراء وأطلق في تسليم المبيع فشمل ما إذا قبض الوكيل الثمن أو لا وما إذا جاز قال له الموكل : لا تدفع المبيع بعد البيع حتى تقبض الثمن فدفع الوكيل قبل قبض الثمن عندهما خلافا وهي مسألة الوكيل إذا أقال كذا في الخلاصة وفي القنية لو نهاه عن تسليم المبيع حتى يقبض الثمن كان باطلا ا هـ . لأبي يوسف
وفي البزازية وهذا إذا كان المبيع في يد الوكيل فلو كان في يد الموكل وأبى الدفع قبل قبض ثمنه له ذلك وإن باعه نسيئة وأبى الموكل من دفعه قبل قبضه يجبر عليه وإن كان في يد الوكيل وأخذه الموكل وأراد أن لا يدفع قبل قبض الثمن فأخذه الوكيل من بيته وهلك في يد الوكيل إن الأخذ بعد البيع لا يضمن وإن قبله وقد نهاه عن القبض يضمن ولو لم يهلك حتى باعه جاز فإن مات قبل أن يسلم إلى المشتري انفسخ البيع . ا هـ .
وقيدنا بالنهي عن تسليم المبيع سواء كان قبل بيعه أو بعده لأنه لو نهاه عن البيع حتى يقبض الثمن لم يجز بيعه حتى يقبض الثمن من المشتري ثم يقول : بعتك بهذه الدراهم التي قبضت منك [ ص: 150 ] كذا في البزازية وأشار المؤلف من كونه أصيلا في تسليم المبيع إلى أن الوكيل بالشراء يطالب بالثمن وإن لم يقبضه من الموكل وإلى أنلم يضمن لكن المختار الضمان كما في البزازية لكونه دفع ملك الغير بغير إذنه وإن كان أصيلا في الحقوق . وكيل البيع لو دفع المبيع إلى دلال ليعرضه على من يرغب فيه فغاب أو ضاع في يده
وفي البزازية وكيل البيع قال : بعته وسلمته من رجل لا أعرفه وضاع الثمن قال القاضي : يضمن لأنه لا يملك التسليم قبل قبض ثمنه والحكم صحيح والعلة لا لما مر أن النهي عن التسليم قبل قبض ثمنه لا يصح فلما لم يعمل النهي عن التسليم فلأن لا يكون ممنوعا عن التسليم أولى وهذه المسألة تخالف مسألة القمقمة ا هـ .
قلت : مراد القاضي أنه لا يملك التسليم ممن لا يعرفه لا مطلقا فصح التعليل أيضا واستفيد من قوله وقبض الثمن أنه لو ضمن الوكيل الثمن لم يصح ضمانه ولو لم يصح ولو أحال الوكيل موكله بالثمن على المشتري صحت وهي وكالة لا حوالة لأنه لا شيء للموكل على وكيله وأن أحال المشتري الموكل على وكيله به بشرط براءة المشتري صح وله الامتناع عن الدفع إليه ولكن لو دفع إليه صح وبرئ استحسانا وأنه يصح الوكيل لو منع المشتري من دفع الثمن إلى موكله إبراء الوكيل وحوالته على الأملأ والمماثل والأدون وإقالته وحطه وتأجيله والتجويز بدون حقه عندهما ويضمن خلافا للثاني هذا قبل قبضه أما بعد قبضه لا يملك الحط والإبراء والإقالة وبعدما قبل بالثمن حوالة لا يصح كما بعد الاستيفاء صح لا بعد مضي المدة وبعد قبض الأجرة دينا كان أو عينا لا يصح الفسخ وأن الوكيل لو وكل موكله بقبض الثمن صح وله عزله إلا إذا خاصم الموكل معه في تأخيره المطالبة فألزم القاضي الوكيل أن يوكل موكله لا يملك عزله . والوكيل بالإجارة إذا فسخها بعدها
ومن أحكامه أن وكيل البيع لا يطالب بالثمن من مال نفسه بخلاف الوكيل بالشراء ولا يجبر على التقاضي لأنه متبرع بخلاف الدلال والسمسار والبياع لأنهم يعلمون بالأجر ويقال للوكيل : أحل الموكل على المشتري وحق القبض للوكيل ولو قبضه الموكل صح إلا في الصرف فإنه لا يجوز قبضه إلا للوكيل لأن القبض فيه بمنزلة الإيجاب والقبول وأن للوكيل أن يوكل بقبض الثمن ومقتضاه أنه لو هلك في يد الثاني لم يضمنا لكن في المنتقى قال وكل آخر بقبض الثمن بلا أمر الآمر وهلك في يده : يضمن الوكيل لا القابض وما ذكرته من الأحكام المفرعة على قبض الثمن كلها من البزازية وفيها الإمام فالنهي باطل وفي المحيط كتب الوكيل الصك باسم رب العبد لا يسقط حقه في قبضه الثمن وله أن يقبض إلا أن يقر الموكل بقبضه لأنه بالكتابة لم يخرج عن كونه وكيلا ا هـ . وكله بالبيع بشرط أن لا يقبض الثمن
وفيها لو بقي للوكيل حق قبض الثمن وقوله والرجوع بالثمن عند الاستحقاق شامل للمسألتين : الأولى ما إذا مات الموكل أو جن بعد البيع فإن المشتري يرجع بالثمن على الوكيل سواء كان الثمن باقيا في يده أو سلمه إلى الموكل وهو يرجع على موكله الثانية ما إذا كان مشتريا فاستحق المبيع من يده فإنه يرجع بالثمن على البائع دون موكله وفي البزازية كان الوكيل بائعا وقبض الثمن من المشتري ثم استحق المبيع رجع الوكيل على المشتري منه وهو على الوكيل والوكيل على الموكل وتظهر فائدته عند اختلاف الثمن . ا هـ . المشتري من الوكيل باعه من الوكيل ثم استحق من الوكيل
وفي الخانية لم يضمن الوكيل ولو ظهر أنها حرة يضمن الوكيل وكذا قوله والخصومة في العيب شامل لمسألتين ما إذا كان بائعا فيرده المشتري عليه وما إذا كان مشتريا [ ص: 151 ] فيرده الوكيل على بائعه لكن بشرط كونه في يده فإن سلمه إلى الموكل فلا يرده إلا بإذنه كما سيأتي في الكتاب وأشار وكله بشراء جارية فاشترى فاستحقت المؤلف إلى أن الوكيل لو رضي بالعيب لزمه ثم الموكل إن شاء ألزم الوكيل وقبل أن يلزم الوكيل لو هلك يهلك على الموكل ولو مات الوكيل بالشراء وظفر الموكل بالمشترى عيبا يرده وارثه أو وصيه وإلا فالموكل وكيل البيع إذا مات وظفر مشتريه به عيبا رده على وصي الوكيل أو وارثه وإلا فعلى الموكل كذا في البزازية وفي الخانية عن العيب عند الوكيل بالشراء لا يملك إبراء البائع أبي حنيفة واختلفوا في قول ومحمد أبي يوسف حل عليه الثمن ويبقى الأجل في حق الموكل وجزمه هنا يدل على أن المعتمد في المذهب ما قال : إنه المعقول وقد أفتيت به بعد ما احتطت كما قال فيما سبق وقد كتبنا في الأشباه والنظائر من قسم الفوائد والوكيل إذا اشترى بالنسيئة فمات الوكيل ومما فرع على أن الوكيل أصيل في الحقوق ما في كافي حكم التوكيل بالتوكيل الحاكم ولو جاز قضاء القاضي للوكيل ا هـ . وكل القاضي وكيلا ببيع شيء فباعه ثم خاصمه المشتري في عيبه
( قوله والملك يثبت للموكل ابتداء حتى لا يعتق قريب الوكيل بشرائه ) دفع لما يتوهم من أن الحقوق لما تثبت للوكيل أصالة وخلفه الموكل فيها ينبغي أن يكون الحكم كذلك وقد اختلف أصحابنا فيها فقال : يثبت للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل وقال الكرخي أبو طاهر : يثبت للموكل ابتداء وهو الأصح ولهذا لو كان المشتري منكوحة الوكيل لا يفسد نكاحه ولا تعتق عليه وقال القاضي أبو زيد : الوكيل نائب في حق الحكم أصيل في الحقوق فوافق في الحقوق الكرخي وأبا طاهر في حق الحكم وهذا أحسن كذا في البزازية وصحح الشارحون ما في الكتاب لكن لم يذكروا لهذا الاختلاف ثمرة الاتفاق على عدم عتق قريب الوكيل لو اشتراه وعدم فساد نكاحها لو اشتراها والعتق والفساد على الموكل لو لأن الملك للوكيل لم يكن مستقرا والموجب للعتق والفساد الملك المستقر هكذا أجاب اشترى وكيل قريب موكله وزوجته وأشار الكرخي المؤلف إلى أن الموكل لو أعتق قبل قبض الوكيل فإنه ينفذ إعتاقه لكونه أعتق ملك نفسه والبائع يأخذ الوكيل بالثمن ولا سبيل له على الموكل وكذلك في التدبير والاستيلاد ولو قتله الموكل وضمن قيمته للوكيل فيدفعها إليه لتكون محبوسة عنده إلى أن يأخذ الثمن من الموكل كذا في بيوع الخانية .