( قوله والعين العوض فإن سقط الرجوع ) لما تقدم في الحديث من قوله ما لم يثب عنها وأشار بقوله خذه إلى آخره إلى أن الشرط في كونه عوضا أن يذكر لفظا يعلم الواهب أنه عوض فأفاد أنه لو وهب له شيئا أو تصدق عليه ولم يذكر أنه عوض لا يسقط الرجوع بل لكل منهما أن يرجع في هبته وأشار بقوله فقبضه إلى أنه يشترط في العوض شرائط الهبة من القبض والإفراز فأفاد أنه تمليك جديد وإن سمي عوضا فدل على أنه يجوز بأقل من الموهوب من جنسه في المقدرات ولا يجوز للأب أن يعوض عما وهب للصغير من ماله ولو وهب العبد التاجر ثم عوض فلكل منهما الرجوع كذا في المحيط ولا يصح تعويض المسلم للنصراني من هبة خمرا أو خنزيرا لما أنه لا يصلح تمليكا من المسلم كذا في المبسوط ودل ذكر العوض على أنه يشترط أن لا يكون بعض الموهوب فلو عوضه البعض عن الباقي فله أن يرجع في الباقي ولو كان الموهوب شيئين فعوضه أحدهما عن الجميع إن كانا في عقد واحد لم يكن ذلك عوضا وإن كانا في عقدين مختلفين في مجلس أو مجلسين فعوضه أحدهما عن الآخر فهو عوض في ظاهر الرواية لأن اختلاف العقد كاختلاف العين ودقيق الحنطة يصلح عوضا عنها لكونه حادثا بالطحن . قال خذه عوض هبتك أو بدلها أو بمقابلتها فقبضه الواهب
وكذا لو أو لت بعض السويق ثم عوضه لأن حقه في الرجوع قد انقطع بهذا الصنع كذا في المبسوط والمشهود عليه بالهبة إذا ضمن شهوده بعدد رجوعهم [ ص: 293 ] لا رجوع له على الموهوب له لحصول العوض وإن لم يضمنهم فله الرجوع ذكره في فتح القدير من الشهادات ولو صبغ ثوبا من الثياب الموهوبة أو خاطه امتنع الرجوع لأنه ليس له الرجوع في الولد فصلح عوضا . وهبه جاريتين فولدت إحداهما فعوضه الولد
( قوله وصح من أجنبي ) أي جاز وسقط حق الواهب في الرجوع إذا قبضه لأن العوض لإسقاط الحق فيصح من الأجنبي كبدل الخلع والصلح عن إنكار أطلقه فشمل ما إذا كان بأمر الموهوب له أو بغير أمره ولا رجوع للمعوض على الموهوب له ولو كان شريكه سواء كان بإذنه أو لا لأن التعويض ليس بواجب عليه فصار كما لو أمره بأن يتبرع لإنسان إلا إذا قال على أني ضامن بخلاف المديون إذا أمر رجلا بأن يقضي دينه حيث يرجع عليه وإن لم يضمن لأن الدين واجب عليه فهو كقوله أنفق من مالك على عيالي أو أنفق في بناء داري أو أمر الأسير رجلا ليشتريه ويخلصه أو ليدفع الفداء ويأخذ منه فإنه يرجع وإن لم يشترط الرجوع ذكره العوض من أجنبي قاضي خان من الكفالة بالمال وتمامه في كتاب الزكاة وقد ذكر في الفتاوى الظهيرية هنا أصلا حسنا لهذه المسائل وهو الأصل في جنس هذه المسائل أن كل ما يطالب به الإنسان بالحبس والملازمة يكون الأمر بأدائه سببا للرجوع من غير اشتراط الضمان وكل ما لا يطالب به الإنسان بالحبس والملازمة لا يكون الأمر بأدائه سببا للرجوع إلا بشرط الضمان ا هـ .
لكن ربما يخرج عنه الأمر بالإنفاق على البناء والأمر بشراء الأسير فليتأمل .
( قوله وإن استحق نصف الهبة رجع بنصف العوض ) لأنه لم يسلم له ما يقابل نصفه ( قوله وعكسه لا حتى يرد ما بقي ) أي إذا استحق نصف العوض لم يرجع في الهبة إلا أن يرد ما بقي ثم يرجع لأنه صلح عوضا للكل من الابتداء وبالاستحقاق ظهر أنه لا عوض إلا هو إلا أنه يتخير لأنه ما أسقط حقه في الرجوع إلا ليسلم له كل العوض ولم يسلم له فله أن يرده ومراده العوض الذي ليس بمشروط فأما المشروط فهو مبادلة كما سيأتي فتوزع البدل على المبدل كذا في النهاية ودل كلامه على أنه لو استحق جميع العوض فللواهب أن يرجع في هبته كأنه لم يعوضه أصلا إن كانت قائمة ولا يضمنه إن كانت هالكة ويشترط أن لا تزاد العين الموهوبة فلو استحق العوض وقد ازدادت الهبة لم يرجع كذا في الخلاصة وإن استحق جميع الهبة كان للموهوب له أن يرجع في جميع العوض إن كان قائما وبمثله إن هلكت إن كان مثليا وبقيمته إن كان قيميا كذا في غاية البيان ( قوله ولو عوض النصف رجع بما لم يعوض ) لأن المانع قد خص النصف غاية ما فيه أنه يلزم منه الشيوع في الهبة لكنه طارئ فلا يضره كما قدمناه